تجلّى الله ثالوثًا.. عادات الغطاس بَرَكات السنة

تجلّى الله ثالوثًا حين كان الشعبُ ينتظرُ مسيحًا من صُلب داوود، يملكُ بقوّة الله على إسرائيل ويحكُمُ باسمه ليكون للشعب سلامٌ. وقف يسوع أمام يوحنا معتمدًا في نهر الأردن ليحقّق بذلك ما كتبه الله في كتب اليهود وليكون مثالًا أمام كلّ مؤمنٍ يريد اتّباع الله.

وحين كان يسوع يصلّي انفتحت السماء نِعَمًا وبركةً على الشعب، فتجلّى الثالوث الأقدس: الآبُ هاتفًا والابن يسوع واقفًا أمام أعيُنِ المعتمدين والرّوح القدس مرفرفًا بشبه جسم حمامةٍ فوق الجميع.

أعلن الله الآبُ أنّ له ابنًا من طبيعته مرسلًا باسمه ليبنيَ ملكوته في وسط شعبه، واضعًا كلّ رضاه وثقته برسالته هذه. ويرافقهما روحٌ قدُسٌ منبثقٌ منهما ومن طبيعتهما الإلهيّة، يرافق الابنَ أثناء تجسّده ورسالته على أرض الجليل وأورشليم. كان عماد يسوع انطلاق التدبير الخلاصيّ العمليّ والفعليّ، تدبيرًا ثالوثيًّا، فبعد أن انتظر الشعب كاهنًا أو نبيًّا أو مَلِكًا ليقودهم باسم الله، جاء ابن الله ليكمّل كلّ ما كُتب عن هؤلاء في الكتب، ويحقّق جميع الوعود الخلاصيّة المدوّنة في تلك الأسفار. وكانت معموديّته مناسبةً علنيّةً ليعلن الله عن ذاته إنّه هو، الخالق في التكوين والراعي طوال فترة التوراة، أرسل لهم اليوم ابنه ليؤمن به شعبُ إسرائيل ابنًا ومسيحًا، وهو الذي سوف يعمّدهم بالرّوح القدس والنّار، وسيكون لهم الطريق المؤدي إلى قلبه القدّوس، ومعطي الحياة الأبديّة ومصدرها للذين سيأتون في ملكوته السماويّ.

هذا هو عيد الغطاس حدث عماد الربّ يسوع، إذ تجدّد الكنيسة اليوم، بجميع عائلاتها وطوائفها، إيمانها بالثالوث الأقدس أثناء احتفالها برتبة هذا العيد والقدّاس الإلهيّ، وتعلن جهارةً وأمام الملأ أنّها تؤمن بالثالوث الأقدس، وأنّها تسير على طريق الابن كي يبلغ جميع أبنائها الملكوت السماويّ ويحصلوا على الحياة الأبديّة في حضن الله الآب. والكنيسة جمعاء تضع مسيرتها هذه بهدي الرّوح القدس الذي ينقّيها ويطهرها دائمًا ويقدّسها ويزفّها عروسًا ليسوع المسيح.

جرت العادة في لبنان، أن تعلّق الأمّهات العجينة في الشجرة قرب باب المنزل، كي يأتي المسيح عند انتصاف الليل ويبارك العجين ليكون خميرةً صالحةً تخمّر بها ربّة المنزل أرغفة الأولاد، فتكون لهم غذاءً صالحًا طوال أيام السّنة، وتفيض من خلالها النعمة والبركة في المنزل كما فاضت يوم انفتحت السماء أثناء عماد الربّ يسوع. بالإضافة إلى ذلك تصنع أمّهاتنا العويّمات والزلابية لأنّ مصدرها الطحين وخميرتها تلك العجينة التي باركها الربّ يسوع يوم زار الشجرة في العيد السابق، فتكون حلوى الاحتفال بزيارة الربّ، وبركةً باسمه للعائلة المجتمعة في قاعة البيت، حيث ينتظر الجميع مروره ليهتف الجميع: “دايم دايم”، أي ابقى معنا وفي بيتنا دائمًا. تختلف الرتب والصلوات والتقاليد بين العائلات الكنسيّة في هذا العيد، لكنَّ جميعها تعلن إيمانها أنَّ الله تجلّى ثالوثًا.

زر الذهاب إلى الأعلى