إعدامات في الشوارع وتحلل الجثث.. ماذا يحدث في مخيم جباليا؟

“نفذوا إعدامات جماعية في الشوارع ولا توجد سيدة تحمل طفلا رضيعا الآن”، هكذا وصف بعض سكان منطقة جباليا الحال في مخيمها بشمال قطاع غزة، والذي تواصل إسرائيل قصفه بشكل متقطع رغم نزوح بعض سكانه وتركيز عملياتها في الجنوب.

وتشهد جباليا المدينة والمخيم التابع لها، عمليات قصف وتوغل إسرائيلية بدعوى أن بها عشرات الأنفاق ومئات المسلحين، فيما تجري مفاوضات حثيثة بوساطة مصرية حول مبادرة مبدئية لوقف إطلاق النار.

وترك فلسطينيون هناك منازلهم؛ ليتجمعوا في معسكرات إيواء ومدارس وساحات واسعة، تفرض عليها القوات الإسرائيلية رقابة وحصارا بدعوى عدم السماح بتسلل مسلحين إليها والاحتماء بها.

ويقول همام منير، أحد القاطنين في منطقة جباليا، التي يتواجد بها المخيم، إن قوات الاحتلال “تريد التخلص من السكان بالموت بالبطيء”، قائلا إنه لم تصل مساعدات إلى المنطقة منذ انتهاء الهدنة التي سرت بين إسرائيل وحماس منذ 24 نوفمبر وحتى صباح 1 ديسمبر الجاري.

كما شكا منير من أن الماء في المخيم ملوث، وحصة السكان منه قليلة؛ ما انعكس على النظافة الشخصية لهم، وإصابة البعض بأمراض جلدية.

بجانب ذلك، يواصل المواطن الفلسطيني، فإن قوات الاحتلال “تقتاد كل من تشتبه فيه إلى مكان غير معلوم، وتقتل الناس في الشوارع، ورأينا بأعيننا عشرات الجثث ملقاة، ومنها ما يبدو أنه سُحق تحت سيارة أو دبابة، والروائح الكريهة انتشرت نتيجة تحلل الجثث التي تنهش الكلاب بعضها”.

وحسب تعبيره: “لا توجد سيدة تقريبا تحمل الآن طفلا رضيعا في المخيم، والوفيات تزداد نتيجة سوء التغذية التي تتعرض لها الأم، وإصابة أطفال بعدوى بكتيرية حادة”.

وسبق أن أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، 19 ديسمبر الجاري، تدمير العديد من البنى التحتية “المعادية” في مخيم جباليا، مثل مجمعات التدريب ومقرات قيادة وسيطرة ومصانع لإنتاج القذائف الصاروخية.

ويوجد في شمال غزة حسب إحصائيات رسمية، 800 ألف فلسطيني رفضوا النزوح إلى الجنوب خوفا من ضياع حقهم في العودة.

صعوبات النزوح

من جانبه، يقول عبد الله عبيد، أحد العاملين في جهود الإنقاذ بعد نزوحه من المخيم: “لم نستطيع الدخول للمخيم منذ حوالي شهر، والاتصالات بيننا وبين الأهالي محدودة ، لكن نعلم مما يصلنا أن العشرات هناك ماتوا لعدم توفر أدوية الأمراض المزمنة، وتلوث المياه والطعام، وخروج مستشفيات المخيم عن العمل”.

وعن عدم نزوح السكان المتقبين هناك للجنوب يقول عبيد: “حتى هذا الأمر أصبح صعبا؛ لأن العمليات العسكرية الإسرائيلية تطال كل مناطق القطاع”، في إشارة إلى تكثيف الجيش الإسرائيلي قصفه لجنوب غزة التي يطالب سكان شمال القطاع بالتوجه نحوه.

ويؤكد عبيد عدم صدق ما ترويه إسرائيل بشأن تزويد المخيم بكل السلع المطلوبة، قائلا إن الأهالي نقلوا له أن هذا لم يحدث، فيما أن تركيز الإعلام على القصف الإسرائيلي لجنوب غزة ساعد في إخفاء ما يحدث شمالا.

ما هو مخيم جباليا؟

وفق معلومات نشرتها وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”:

  • مخيم جباليا أكبر مخيمات اللاجئين الثمانية في قطاع غزة، وهو في الشمال الشرقي من مدينة غزة قرب قرية تحمل نفس الاسم.
  • تأسس عام 1948 لإيواء المهجَّرين من القرى الواقعة جنوب فلسطين بعد الحرب.
  • مساحته 1448 دونما، ويبلغ عدد سكانه 59574 لاجئا حسب تقديرات جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني منتصف عام 2023.
  • يشرف على تقديم الخدمات الاجتماعية والإغاثية لسكانه السلطة الوطنية مع وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين “الأونروا”.
    المبادرة المصرية

في محاولة لوضع نهاية للحرب، قدمت القاهرة مبادرة “مبدئية” تتضمن وقف إطلاق النار، وجدت رفضا من حركتي حماس والجهاد الإسلامي خلال محادثاتهما مع المسؤولين المصريين، وفق ما نقلته وكالة “رويترز”، الإثنين.

وتضمنت المبادرة وقف مبدئي لإطلاق النار، يتخلله تبادل رهائن إسرائيليين محتجزين في غزة بسجناء فلسطينيين في إسرائيل، وبالتزامن تجري محادثات أخرى حول وقف دائم لإطلاق النار.

كما تضمن الإعداد لحكومة خبراء “تكنوقراط” فلسطينية تدير الأمور في قطاع غزة، والإعداد للانتخابات التشريعية والرئاسية، مع تقديم ضمانات لحماس بعدم ملاحقتها قضائيا.

إلا أنه، وفق ما نقلته “رويترز” عن مصادر مصرية أمنية، رفضت حماس والجهاد ترك السيطرة على غزة مقابل وقف دائم لإطلاق النار، كما رفضت حماس تقديم أي تنازلات سوى إطلاق الرهائن.

واشترطت الحركة زيادة المساعدات الإنسانية لتصل لكل أنحاء القطاع، ووقف الهجوم العسكري الإسرائيلي قبل إجراء المزيد من المفاوضات حول صفقة التبادل الجديدة.

وفيما يخص تل أبيب، تبدو تصريحات عدد من كبار القادة بعيدة عن آمال وقف قريب للحرب، فجاء في بيان نشره موقع الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، تصريحا لرئيس أركان الجيش، هرتسي هاليفي، بأن الحرب ستستمر أشهرا، وأن الجيش يقترب من استكمال تفكيك قوات حماس في شمال قطاع غزة.

والإثنين، نقلت “رويترز” عن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قوله إن الحرب أبعد ما تكون عن نهايتها، ورفض ما وصفها بأنها تكهنات إعلامية بأن حكومته قد تدعو إلى وقف القتال.

زر الذهاب إلى الأعلى