إلى أمّي القواتيّة

لا تظنّي أنّ الحزن لا يهطل على الشّهداء، وأقسى الحزن، أنّك أنأى من بلادي؛ الّتي تركتها.

حاجة المرء إلى الموت قديمة، وإلى اليوم أسأل أيّهما أحقّ بي: الموت أم أنت والوطن؟!

يعتقد الأحياء يا أمّي، أنّنا لا نحسب الزّمن هنا، غير أنّ التّراب الّذي يحضننا، يسرّب لنا مواعيد الحبّ القديمة، لذا أفقت من موتي، وأنا أشتهي رائحة الأمس، يوم كنتُ في وجهك ابتسامة، فاعذريني على دمع أسلتُه في مقلتيك.

حاولت القدوم إليك، ورحت أتلو اسمك كي أطرد التّعب عن صوتي، لكنّني ما وصلت، أخّرتني رسائل الرّفاق، يطلّون من نومهم، يحمّلونني السّلام إلى الأهل والأحباب، لقد أحدث الموت في صوتي جرحًا عميقًا يا أمّي، لذا خشيت الكلام.

كانت الطّريق إلى قلبك، يا أم، أطول من دربي إلى اللّه، لذا أدرت ظهري، وعبرت، فاصفحي عنّي الجحود، إذا مررت بنا، فاروي وردنا المزروع عند القبور، وانشري في الأرض حكايا الشّهداء. وخبّئي حزن عينيك عن اللّصوص، لئلّا يسرقوه، فلم يبق لي من وطني إلّاك وقبري، وحزن النّاس في وطن النّجوم.

أحبّك

زر الذهاب إلى الأعلى