ما هو سرّ زيارات باسيل غير المعلنة لقطر؟

قلة الذين علموا أن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، عندما لبى دعوة الأمين العام لـ “الحزب” السيد حسن نصرالله إلى مأدبة إفطار في الضاحية الجنوبية لبيروت في 8 نيسان الجاري، وجلس إلى طاولة الإفطار أيضاً مع رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، كان عائداً لتوّه من الدوحة عاصمة دولة قطر. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها النائب باسيل قطر، ولن تكون الأخيرة. لكن السؤال: ما هو السبب الذي يدعو الأخير للقيام بهذه الزيارات لهذه الدولة الخليجية؟

في 8 شباط الماضي، حلّ في بيروت مستشار الولايات المتحدة لأمن الطاقة آموس هوكشتاين، وأمضى بضعة أيام حافلة بالمحادثات حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. ولم يكد المسؤول الأميركي يغادر لبنان، حتى سرت تكهنات أن باسيل سافر إلى قطر للاجتماع مع هوكشتاين. وأشارت هذه التكهنات إلى أن رئيس “التيار” سعى في لقائه المستشار الأميركي في الدوحة إلى التباحث حول كيفية رفع العقوبات التي فرضتها عليه وزارة الخزانة الأميركية في 6 تشرين الثاني عام 2020 لتورطه “بمزاعم كبيرة بالفساد”.

ما بين شباط ونيسان، لم يتأخر باسيل في الإعلان عن أن ما يشاع حول مساعٍ يقوم بها لرفع العقوبات الأميركية عنه، لم تصل إلى أية نتيجة حتى الآن. ففي حديث تلفزيوني أدلى به قبل أيام، قال: “أدافع عن نفسي في أميركا باللحم الحي بمشاركة محامين محليين لأن توكيل مكتب محاماة في أميركا مكلف جداً، ولن أسكت عن حقي، وسأتابع هذا الملف إلى النهاية وقد بدأت المسار الإداري”. ويقول وزير سابق خبير في الشؤون الأميركية، أن باسيل ذهب متأخراً لمتابعة قضية العقوبات الأميركية بحقه والتي صدرت في خريف عام 2020. علماً أن باسيل، صرّح مرارًا أن العقوبات الأميركية بحقه، قد صدرت لأنه أبى أن يفك تحالفه مع “الحزب” والدفاع عن سلاح الأخير.

أضاف الوزير السابق: “لقد جاءت العقوبات الأميركية بموجب قانون ماغنيتسكي والمفعّل منذ عام 2016 على مستوى كل دول العالم، ما يخوّلُ الحكومة الأميركية فرضَ عقوبات على “منتهكي حقوق الإنسان في كل أنحاء العالم من خلالِ تجميد أصولهم وحظرهم من دخول الولايات المتحدة وقد تمتدُ العقوبات لأمور أخرى”. وخلص الوزير السابق إلى القول أن العقوبات التي قد تمتد إلى “أمور أخرى”، بحسب قانون ماغنيتسكي، تعني “حرمان باسيل من فرصة الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان، وهو الأمر الذي يسعى إليه باسيل ومن ورائه رئيس الجمهورية ميشال عون بقوة”.

وسبق أن صدرت توضيحات ديبلوماسية أميركية في بيروت، أكدت أن أحداً في الإدارة الأميركية لا يمكن له أن يحرر باسيل من العقوبات. وحده، القضاء الأميركي، هو المخوّل البت بهذه العقوبات ما إذا كانت صائبة أم لا. وإذا كان رئيس “التيار” قد لجأ إلى هذا القضاء ولو متأخراً، فما عليه إلا انتظار حكم الأخير، الذي لا يعلم أحداً متى يبصر النور.

هل انتهت قصة زيارات باسيل لقطر عند هذا الحد؟ لا يبدو كذلك. فهو لا يزال يرجو الحصول على “شيء ما” من متابعة خطى هوكشتاين. وقد صرّح باسيل في الحديث التلفزيوني المشار إليه سابقاً، أن “هوكشتاين من القلائل الذين يفهمون جيداً في الملف ولديه مصلحة في إرساء ترسيم للحدود البحرية ونحن لدينا مصلحة أيضاً”. واعتبر باسيل أن “قطر من الممكن أن تساعد في ملف الترسيم”…

في انتظار الحصول على إيضاحات بشأن الـ “شيء ما”، ما زال باسيل يدافع عن سلاح “الحزب” حتى ولو اقتضى الأمر الرد على كلام البطريرك مار بشارة بطرس الراعي. فبعد مشاركته في قداس الفصح ببكركي، أعلن عن موافقته “على معظم الذي قاله” البطريرك. لكن ما لم يعلن باسيل موافقته عليه، هو مطالبة الراعي بأن “لا يبقى سوى جمهورية واحدة وشرعية واحدة وسلاح واحد وقرار واحد وهوية لبنانية جامعة”.

لكن، كيف لباسيل أن يتخلى عن الدفاع عن سلاح “الحزب” الذي بات السلاح الوحيد الذي يرجو وريث العهد أن يوصله، كما حصل مع الجنرال ميشال عون عام 2016، إلى رئاسة الجمهورية؟

ما يؤكد تقلص رهانات التوريث، أن المعلومات المتصلة بمأدبة الإفطار التي أقامها نصرالله وجمعت الحليفين اللدودين، تفيد أن “الحزب” بدأ يتصرّف على أساس أن خياره الرئيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة هو فرنجية وليس باسيل. فهل لا يزال الأخير يسعى إلى قلب المعادلة لمصلحته في زياراته لقطر المتكررة وغير المعلنة؟

زر الذهاب إلى الأعلى