لا تشتّتوا صوت الأمل هباءً

كتب ليبان صليبا في موقع القوات اللبنانية

دخلت الانتخابات النيابية مدارها الأخير قبل رسو نتائجها على برّ الأمان والأمل بفوز القوى الحيّة بأكثرية جديدة وقادرة على إعادة تكوين السلطة والتأسيس لخطة النهوض التي ستكون أسرع مما يعتقد اللبنانيون، أو استكمال المنظومة الحاكمة لألاعيبها وأساليبها الملتوية وخداعها للبنانيين بأن هذا المصير الأسود هو قدر لا مفر منه تحت حجج واهية لتبرير فشلها وفسادها وسلبطتها وظلمها وظلامها وغرقها بشبر ماء المسيلحة.

مع ضيق المسافة الفاصلة عن القرار الكبير والنهائي والذي سيحدد اتجاه مسار ولاية المجلس النيابي الجديد والسلطات المنبثقة عنه في رئاسة الجمهورية والحكومة، وحتى لا يعطي الشعب اللبناني مشروعية شعبية للسلاح غير الشرعي أكبر وأمتن من ثلاثية “جيش شعب مقاومة” والتي ستكون بمثابة رسالة للمجتمعين العربي والدولي للابتعاد عن الوباء الضارب في صميم الشعب اللبناني ليشهد لبنان بعدها عزلة كما لم يحصل من قبل، على اللبنانيين مراجعة مواقفهم واستبيان النتائج المرتبطة بخياراتهم، وبها فقط وبملء مشيئتهم، فالتصويت لصالح القوى السيادية والإصلاحية له تداعياته الإيجابية، التصويت لقوى ومجموعات غير قادرة على بلوغ الحاصل هو كالتصويت لهذه المنظومة، كما أن المقاطعة مهما كانت أسبابها، قرفاً، يأساً أو اعتكافاً إرادياً هي استسلام وخدمة لمحور الممانعة.

هذه الأمور واضحة ولا تحتاج لكثير من الدراسة والتحليل، فالثابت أن القوى السياسية من أحزاب وشخصيات مستقلة وتقليدية قد استعادت حجمها وكأن الثورة لم تكن، وحده التيار الوطني الحر فقد من حيثيته الشعبية ليس بسبب الثورة بل لممارسته السلطة والنهج المعتمد والذي تسبب بفشل عارم على كافة الأصعدة وأودى باللبنانيين إلى عمق جهنم. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال يكابر وكأننا أمام مجهول انتخابات العام 2005 مع كل ما رافقها من عملية خداع موصوفة حصدت 70% من المتعاطفين مع حالة الجنرال العائد من منفاه الباريسي زارعاً أوهامه في أرض خصبة وتوّاقة للحرية والسيادة والإستقلال وحقوق المسيحيين بعد سنوات الاحتلال السوري والاختلال الوطني، لتثبت التجربة منذ العام 2016 وحتى اليوم بأن تحقيق أوهامه أطاح أحلامنا وآمالنا وجنى أعمارنا… وأعمارنا!

لعبة الأحجام المشروعة في الحياة السياسية الطبيعية تصبح لعنة في ظروفنا الحالية، وإثبات الوجود شأن لا غبار عليه ما لم يهدد الوجود من أساسه كما هي الحال اليوم، ولأننا في خضم معركة خطرها كياني، على القوى المشاركة في الانتخابات النيابية، كما على الناخبين مقاربة الانتخابات من منظار جديد واستثنائي، فمن يملك القليل غير الكافي للفوز مطلوب منه أن يتنازل عنه لمصلحة قوة أكبر، والحلقة الأضعف في هذه المرحلة هي مجموعات الثورة لأسباب لسنا بصدد بحثها الآن. وعلى مناصري التغيير والثورة البحث عن قاطرة جديدة تحمل آمالهم والتطلعات الأقرب إلى تطلعاتهم ودعم القوى السياسية السيادية والإصلاحية التي تحمل برنامج عمل محدد وواضح وعلى رأس هذه القوى تتربع القوات اللبنانية حجماً وقدرة تنظيمية وحيثية شعبية ونمطاً مؤسساتياً وتشكل هاجساً لهذه المنظومة التي ترجمته بالاستهداف المركّز الذي تتعرّض له القوات وحلفاؤها على لوائحها.

لهذه الأسباب، الدعوة موجّهة إلى الرأي العام المحايد لمنح ثقته للوائح القوات التي تحمل هامشاً واسعاً من الخيارات والكفاءات الحزبية والمستقلة، أما الأمور الأخرى ومهما كانت مشروعيتها من لعبة الأحجام إلى إثبات الوجود وما بينهما من أنانية وجشع ومكابرة ومغامرات، فعليها أن تنتظر استحقاقاً آخر لن تؤمّنه مستقبلاً إلا أكثرية جديدة تبقي باب المنافسة مفتوحاً وتعيد الحياة إلى الممارسة الديمقراطية في ظل ظروف طبيعية من الحرية، السيادة، الاستقلال، النزاهة والفرص المتاحة.

زر الذهاب إلى الأعلى