العهد المأزوم “عم بِقلّد عضّوم”

على الرغم من العنتريات التي تظهر في كل احاديث رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وإيهام مناصريه بأن وضع “التيار” قوي، يدل سلوك العهد على وضعه المأزوم انتخابياً وشعبياً، وهذا ما يفسر لجوء العهد إلى استنساخ النهج العضّومي للتعامل مع الخصوم واستغلال بعض القضاة لفبركة الملفات واختراع المعارك الوهمية الخاسرة.

سلوك العهد هذا بات واضحاً للجميع، وأقلق بكركي التي خرجت عن صمتها حيال استنسابية القضاء بالتعامل مع الملفات، فجماعة الـ”ما خلونا” استيقظوا في لحظات العهد الأخيرة وادركوا أن هناك أزمات مالية واقتصادية ومصرفية، أين كنتم منذ 5 سنوات؟ فشعبوية الأمتار الأخيرة لن توصلكم إلى خط الفوز.

وفي السياق، اعتبرت مصادر سياسية ان امعان الفريق الرئاسي في استعمال بعض القضاة، الدائرين بفلكه، لغايات سياسية وتصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين، كما يحصل في الآونة الاخيرة زاد من الشكوك حول اهلية القضاء ككل في تحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقه في الانتخابات النيابية المقبلة، وهي مسؤولية، مهمة واساسية تتعلق بسلامة وصحة نتائج العملية الانتخابية كلها.

وقالت المصادر لـ”اللواء”، إن الفريق الرئاسي الذي يتولى توجيه القضاة المحسوبين عليه، لفبركة ملفات الملاحقات القضائية، تارة بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورؤساء مجالس بعض المصارف، وقبله ملف شركة ميشال مكتف واخرين لا يدينون بالولاء السياسي للعهد وتياره، اصبحت مكشوفة الغايات والاهداف وكلها تصب في خانة ضرب صدقية القضاء واثارة اكبر قدر من الضجيج السياسي والشعبي، لاسقاط اهليته في تولي المهام المنوطة به للإشراف والبت بنتائج الانتخابات النيابية المقبلة، وبالتالي تأجيل مواعيد الانتخابات النيابية الى موعد لاحق، وهو ما يسعى اليه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل من وراء الكواليس، بعدما تيقن بأن نتائج الانتخابات النيابية المقبلة، لن تكون لصالحه.

وتوقعت المصادر ان تتوالى سيناريوهات تركيب الملفات لخصوم التيار الوطني الحر، وتتدرج من ملف لآخر، كلما اقترب موعد الانتخابات، ولن يكون ملف الادعاء على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع آخرها، بل هو حلقة ضمن هذه السلسلة.

وعلى صعيد انزعاج بكركي، وغداة حملة الاستثمار العوني في “زيارة الفاتيكان”، وما شهدته من محاولات معيبة ومفضوحة لتأليب الموقف البابوي على طروحات بكركي السيادية والوطنية، و”قولبته” ضمن إطار داعم للطروحات “الأقلوية” ولنظريات الانحياز لمحور الممانعة وإيكال مهمة حماية المسيحيين لأنظمة هذا المحور في المنطقة ولسلاح “الحزب” في لبنان… لم تتأخر الحاضرة الفاتيكانية في إحباط هذه الأجندة وتنزيه الموقف البابوي عن الدسائس والغايات السياسية المشبوهة، فشكّل “عيد سيدة البشارة” مدخلاً عريضاً لإعادة تصويب البوصلة وتظهير الصورة على حقيقتها، من خلال كيل المديح الفاتيكاني في هذه المناسبة للبطريرك الراعي وإضفاء “البركة الرسولية” على خطواته وتوجهاته الكنسية والوطنية، حسبما جاء في “رسالة التهنئة” التي نقلها السفير البابوي جوزف سبيتاري للراعي من أمين سر الفاتيكان الكاردينال بياترو بارولين، فضلاً عن تلقيه رسالة ثناء مماثلة من المسؤول عن الشؤون الكنسية العامة في أمانة السر الفاتيكانية.

وكما دأبُها عند الاستحقاقات الوطنية المصيرية، تواصل بكركي السير في مقدمة المدافعين عن الدولة وسيادتها والتصدي بصلابة وعزيمة للهجمة الشرسة على الهوية والكيان، فتضرعت بالأمس لكي ينجلي “ليل الفتن والأحقاد والانهيار والهيمنة والباطل وتعطيل الدستور والنظام والميثاق والخروج عن الدولة والشرعية وضرب المؤسسات” الذي خيّم على لبنان تحت سطوة الطبقة الحاكمة، وسلطت الأضواء في هذا المجال على “القضاء الانتقائي والانتقامي والانتخابي والمسيّس والمركبة ملفاته مسبقاً”، لتفضح بشكل خاص قضاء “الثنائي الحاكم” الذي يتحرك بإيعاز من “التيار الوطني الحر” و”الحزب” لغايات انتقامية وانتخابية، وفق ما قرأت مصادر مراقبة في عظة البطريرك الراعي أمس، سواءً لجهة إدانة أداء القاضية غادة عون، أو لناحية التنديد بادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي على رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع في قضية أحداث الطيونة – عين الرمانة، مقابل التحذير الصريح من مغبة أن يكون الهدف “تطيير الانتخابات” من وراء تصعيد أجواء التوتير ونقل البلاد “إلى جو استبدادي وبوليسي شبيه بالأنظمة الشمولية البائدة”.

على أنّ الرسالة الأمضى في دلالاتها، تجلت بتصويب عظة الأحد مباشرةً على “الخلل في الأداء الرئاسي العوني”، كما لاحظت المصادر، لا سيما وأنّ البطريرك الماروني “ربط بشكل مباشر بين إنقاذ لبنان وبين انتخاب رئيس جديد للجمهورية”، ومن هذا المنطلق لم يُخفِ استعجاله “الخلاص” من ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، داعياً إلى تفعيل المادة 73 من الدستور و”انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل شهرين من نهاية ولاية عون”، على أمل بأن “ينهض الرئيس الجديد بالبلاد وينتشلها من المحاور إلى الحياد ويضع حداً لهذا الانهيار والدمار”، وفق تعبير الراعي، منوهاً عقب زيارته الأخيرة للقاهرة بـ”الحوكمة الرشيدة والإصلاحات الضرورية” التي انتهجها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومشدداً على أن “دولة لبنان تنتظر مثل هذا الرئيس المستنير والحكيم لينقذ شعبها”.

ويبدو أن قلق بكركي ينسحب على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، إذ كشفت أوساط نيابية لـ”الجمهورية”، عن انّ رئيس الحكومة أبلغ إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، انّه في حال عدم إقرار قانون “الكابيتال كونترول” فلن يكون هناك اتفاق مع صندوق النقد، واللاتفاق يعني انّ خطر الانفجار الاجتماعي سيصبح داهماً، وانّ إقرار مشروع الـ”كابيتال كونترول” المطروح، بعد إدخال بعض التعديلات اليه، سيسحب 80 في المئة من الأسباب التي تتسلّح بها القاضية غادة عون في مواجهة المصارف.

زر الذهاب إلى الأعلى