مؤتمر للعلاقات الخارجية في “القوات”: 1701 الآن

عقد جهاز العلاقات الخارجية في حزب “القوات اللبنانية” مؤتمراً تحت عنوان “1701 الآن” في Citea Apart Hotel في الأشرفية، في حضور نواب تكتل “الجمهورية القوية”:

جورج عقيص، جهاد بقرادوني، ايلي خوري، نزيه متى والياس اسطفان وممثلين عن حزبي الكتائب والاحرار والنائب فؤاد مخزومي والجبهة السيادية، كما حضرت ممثلة المنسقة الخاصة للأمم المتحدة وممثلون عن سفارات مصر، العراق، الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، السويد، جمهورية تشيكيا ورومانيا وعدد من الديبلوماسيين.

الوزير السابق د. ريشار قيومجيان

بداية تحدث رئيس جهاز العلاقات الخارجية في “القوات” الوزير السابق د. ريشار قيومجيان، فقال: “هذا اللقاء يرتدي اهمية تاريخية نظرا لخطورة الوضع الذي يمر به لبنان. وفي ظل ما تشهده منطقة الشرق الاوسط من تصعيد عسكري خطير، من باب المندب مرورا بخليج العقبة وغزة وصولا الى مجرى نهر الليطاني في لبنان. وفي ظل ما تشهده حدودنا الجنوبية من تصعيد تبلور حتى الآن في تقاذف صاروخي ومدفعي متبادل على جانبي الحدود، وفق ما اصطلح على تسميته قواعد الاشتباك، في ظل هذا الوضع المتفجر والخطير، يتبادر الى ذهن كل لبناني مخلص سؤالا اساسيا: كيف السبيل لتجنيب لبنان الانجرار الى حرب ستكون بالتأكيد مدمرة وكارثية، واستطرادا، السؤال الذي يطرح نفسه: كيف نحمي لبنان في هذا الظرف الخطير، وهل هناك فعلا توازن رعب او ردع كفيلين بحماية لبنان، وهل نحن حقا في حالة ردع ممن يدعيه في الجنوب؟”

اضاف قيومجيان: في الحقيقة هذا التوازن غير واقعي. الاكيد انه في حال نشوب حرب فإن إسرائيل ستتضرر، لكن هل ان هذا التوازن سيجنبنا الحرب؟ مما لا شك فيه أن إسرائيل ستتضرر. لكن من المؤكد ايضا أن لبنان سيتعرض الى كارثة تدميرية تفوق بأضعاف ما سيحصل في اسرائيل ونموذج غزة ماثل أمامنا جميعا”.

كما أكد قيومجيان ان ما يحمي لبنان 3 شرعيات: اولاً شرعية الدولة ومؤسساتها برغم ضعفها. ثانياً شرعية الجيش المنتشر في الجنوب الى جانب الشرعية الشعبية الداعمة لهذا الجيش ولاي قرار سيادي تأخذه الدولة اللبنانية. أما الشرعية الثالثة فهي شرعية القانون الدولي المتبلورة في قرارات مجلس الامن خاصة القرار 1701.

كذلك، شدد على ان تطبيق القرار 1701 هو الكفيل الفعلي بتجنيب لبنان الانزلاق الى هكذا حرب كلها مآس وكوارث، لاسيما وانه ضمن بندين اساسيين، إنشاء منطقة مابين الخط الازرق ونهر الليطاني خالية من المسلحين ومن كل الاسلحة والمعدات الحربية عدا تلك التابعة للقوى الشرعية اللبنانية وقوات اليونيفيل، والثاني التطبيق الكامل لبنود اتفاق الطائف والقرارين 1559 و1680.

قيومجيان الذي اشار الى عدم تطبيق بند الطائف الذي ينص على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كل اراضيها وحل كافة الميليشيات المسلحة دون استثناء، لفت الى انه حتى اليوم لم يتم تطبيق القرار 1680 بتحديد ملكية مزارع شبعا بين لبنان وسوريا وتعيين الحدود المشتركة بين البلدين وايداع الامم المتحدة نسخة عن هذا الترسيم، والمطلوب من سوريا اصدار وثيقة.

موقعة لاعلان هذه المناطق لبنانية وعدم المتاجرة بالموضوع بهدف ابقاء سلاح الحزب في الجنوب.

هذا وسأل: “هل للبنان مصلحة وطنية عليا بالحرب، وهل فشلت السياسة اللبنانية لكي نذهب الى الحرب، وهل فشلت اتصالات لبنان بالقوى العظمى المهتمة بسلامة لبنان لكي نذهب الى الحرب؟ وأجاب: بالطبع لا، موضحا بأننا سمعنا التزاما كاملا من الرئيسين بري وميقاتي بالقرار 1701، مؤكدا ان وضع لبنان يختلف عن غزة فيما يتعلق بالقرارات الدولية.

ففي لبنان هناك دولة سيدة مستقلة وحكومة ومؤسسات وقرارات دولية معني بها هذا البلد، وبالتالي لا يمكن لاسرائيل ان تتخطى كل هذا، ويجب علينا الضغط في هذا الاتجاه، وسنبقى على التزامنا بالقانون الدولي، فاذا حصل بعد ذلك اعتداء علينا فلكل حادث حديث”.

ختم قيومجيان بالدعوة لتطبيق القرار 1701 وابقاء ثقتنا بالجيش اللبناني وقوات اليونيفل في الجنوب، مشدداً على ان قرار لبنان الاستراتيجي وقرار الحرب والسلم ليس حكرا على حزب او طائفة او منطقة، والدفاع عن لبنان بوجه اسرائيل العدوة او غيرها ليس حكرا على هؤلاء وبالتالي لا يحق للحزب مصادرة القرار الاستراتيجي للدولة ولا يحق له مصادرة قرار الحرب والسلم، فليكف عن المزايدة والتشكيك وعن الاتهامات الباطلة، ولننقذ لبنان قبل فوات الاوان.

الاعلامية الاقتصادية والكاتبة سابين عويس

رأت انه لا يمكن الحديث عن استقرار امني واقتصادي من دون تطبيق القرار 1701، وان اقتصاد لبنان كان دائما الضحية في ظل نفوذ فئة من الشعب اللبناني صادرت هذا الاقتصاد لمصالحها.

كما اشارت الى وجود علاقة بين السلاح غير الشرعي وانهيار الاقتصاد، مضيفة: “ففي ظل فريق يتمتع بفائض القوة على حساب القوى السياسية الاخرى فإن القرارات، بما فيها المتعلقة بالمواضيع الاقتصادية والمالية، لن تتخذ بعدالة وانسجام بما يبني المصلحة الاقتصادية العليا”.

تابعت: “المشكلة ليست مستجدة، وما نعيشه اليوم عبارة عن تراكمات من التعطيل السياسي والاضطرابات الامنية التي انتهت بانفجار اقتصادي في العام 2019، لتأتي الاوضاع في الجنوب لتزيد الانهيارات وتعمق هذا الواقع وتعيدنا الى نقطة الصفر”.

عن ابرز الانعكاسات الاقتصادية لما يجري في الجنوب وفي ظل عدم وجود حكومة فاعلة ومجلس نيابي مكبل، لفتت عويس الى ان الاوضاع المضطرب جنوبا ادت الى انعدام الحركة الاستثمارية لاسيما انه منذ اربع سنوات حتى اليوم لم يدخل الى لبنان اي استثمار جديد.

كذلك، اوضحت عويس باننا ذاهبون الى موازنة ستخنق الناس اكثر والى وضع يقضي على الاقتصاد وعلى القطاع الخاص الذي يحاول ان يواجه قدر الامكان، وهو المحرك الاساسي للاقتصاد اليوم في ظل غياب تام للدولة.

النقطة الثانية التي اشارت اليها عويس هي ان الوضع في الجنوب أفرز تراجعا في الاهتمام الدولي بلبنان، مضيفة: “قبل 7 تشرين الاول كان الحديث عن مبادرات ومجموعة الدول الخمس وزيارات لمسؤولين عرب وغربيين وحوارات مع صندوق النقد، وإذ توقف كل شيء لاحقا لينتقل الاهتمام العربي والدولي الى غزة. بعد 7 تشرين توقف ملف التنقيب عن الغاز في بحر لبنان واعلن هوكستاين ان موضوع الترسيم البري علق لبعد انتهاء ما يحصل في غزة”.

هذا وتوقفت عويس عند تأثير ما يجري في الجنوب على القطاع السياحي والقطاع الفندقي وقطاع المطاعم وتراجع حجم الاعمال فيها ما بين 80 – 90%، قائلة: “بدأنا نسمع بعمليات صرف عمال في تلك القطاعات. كذلك تراجع كبير في قطاع تأجير السيارات الى جانب تراجع القطاعين الصناعي والتجاري وفي قطاع الطيران والرحلات عبر مطار بيروت، حيث بلغت خسائر العائدات الشهرية في طيران الشرق الاوسط حوالى 10 ملايين دولار”.

كما حذرت عويس من انه الى جانب الخسائر الكبيرة في سائر القطاعات نتيجة ما يجري جنوبا من تزايد الخسائر على صعيد الثروة الحرجية، لاسيما وان القصف الاسرائيلي يطال الاراضي الحرجية والزراعية في الجنوب مع تضرر آلاف الخيم الزراعية ومزارع تربية النحل واشجار الزيتون، وكذلك تضرر الكثير من الاراضي الزراعية التي لم تعد صالحة للاستثمار. عويس التي خلصت الى اننا نعيش في مناخ من القلق وفي افق قاتم مقفل وتوقعات متشائمة، ختمت: “الى متى، وكيف يمكننا ان نخرج من هذه الدوامة التي نعيش فيها؟ تطبيق القرار 1701 ليس الحل الوحيد بل هو الجزء الاكبر من الحل”.

الاعلامي وليد شقير

بدوره اعتبر الاعلامي وليد شقير ان “القرار 1701 معلق التنفيذ في ظل الظروف الراهنة فمن الجهة اللبنانية هناك وجود للسلاح على انواعه في منطقة عمليات اليونيفيل، ومن الجهة الثانية هناك اسرائيل تخرق نص قرار وقف الاعمال العدائية، الامر الذي يفترض من المجتمع الدولي ممارسة الضغوط عليها، وبالتالي هذا القرار معلق نتيجة وضع استثنائي اقليميا ودوليا”.

واذ تحدث عن جهود الموفد الأميركي آموس هوكستين لخفض التوتر ومحاولة اعادة اطلاق البحث في ملف الحدود البرية الجنوبية، رأى شقير ان “أي تطبيق لاي قرار هو نتيجة مساومات وتفاوض”، مضيفاً: “لا اعرف اذا كنا بوضعية تسمح لنا ان نفاوض على تطبيق القرار 1701 بمعزل عما يجري اقليميا، لذا اعتقد ان تطبيق هذا القرار بغياب سلطة سياسية فعلية بات مربوطا بالمفاوضات على الوضع الاقليمي باكمله”.

كما تطرق الى تداعيات الوضع في الجنوب على الاقتصاد اللبناني ما يجعل لبنان في حالة مأساوية أكثر من التي كان عليها قبل السابع من تشرين الأول نتيجة الانهيار الاقتصادي والسياسي والفراغ.

النائب جورج عقيص

من جهته، وبعدما دعا الحضور للوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء قناة الميادين الذين سقطوا اليوم في الجنوب وكذلك أرواح الشهداء الذين سقطوا في لبنان وفلسطين، اكد النائب جورج عقيص ان تكتل الجمهورية القوية يضع القرار 1701 في اعلى اولوياته في ظل ازدحام كل الاستحقاقات من الملف الرئاسي الى التهديد بالفراغ على مستوى قيادة الجيش.

كما انتقد ما يشيّعه البعض عن ان تنفيذ هذا القرار في الوقت الراهن هو ضرب من الجنون، معتبراً ان الجنون الفعلي هو عدم الحديث عن القرار 1701 فهو صدر ليجنب لبنان ما يحصل اليوم.

كذلك، رأى عقيص ان لبنان يتعرض بشكل دائم الى خطرين: خطر اسرائيلي من خارج الحدود، ونحن نرى العدوانية الاسرائيلية بأبشع صورها وان ما تقوم به اسرائيل في غزة هو جريمة حرب ضد الانسانية وتستحق عليها كل العقاب الدولي وتسقط هذه الازدواجية في التعاطي الدولي تجاه ما يحصل، الا ان لدينا قرارا دوليا لحماية المصلحة اللبنانية والشعب اللبناني، وعليه فإنه يعد خيانة لهذا البلد إن لم نضغط للمطالبة بتطبيقه”.

تابع: “القرار 1701 يجنبنا الخطر الخارجي القادم الينا من خارج الحدود من قبل اسرائيل، اما الخطر الثاني الداخلي من داخل الحدود فتمثله إيران من خلال ذراعها الحزب، وما يجنبنا هذين الخطرين هو تطبيق الـ 1701 “.

هذا واكد عقيص ان الضغط اليوم هو بهدف إبقاء لبنان تحت المظلة الدولية في ظل الجنون والعنف التي تشهدهما المنطقة، وان الطريقة الوحيدة لحماية ما تبقى من المؤسسات اللبنانية وما تبقى من شعب لبنان المقيم هو تطبيق القرار 1701 الذي يستند الى اتفاق الطائف والقرارين 1559 و1680 بشكل يحمي لبنان مما يتعرض له.

كما اشار الى الخروقات التي تعرض له هذا القرار من قبل اسرائيل والحزب، وهي كلها موثقة، وان تكتل الجمهورية القوية يطرح التطبيق التدريجي والمتلازم لهذا القرار من خلال اعلان لبنان بواسطة حكومته نيته بتنفيذ القرار وان يطلب من الامم المتحدة ضمن معلة زمنية ان تضغط على اسرائيل لكي توقف طيرانها المعادي فوق الاراضي اللبنانية والانسحاب من قرية الغجر ومن ثم عمل فترة تقييم لمدى التزامها بمندرجات هذا القرار، وتزامنا يطبق لبنان هذا القرار من خلال نشر قوات اليونيفل والجيش اللبناني جنوب الليطاني.

ختم عقيص مؤكداً تمسك “الجمهورية القوية” بمندرجات القرار 1701 وبضرورة تطبيقه، معتبراً انه لا يمكن ان يحل السلام في لبنان من دون هذا التطبيق وابقاء لبنان تحت المظلة الدولية ووضع الكرة في ملعب المجتمع الدولي ليمارس الضغط على اسرائيل، على ان تمارس القوى السياسية ومنها القوات اللبنانية الضغط في المقابل على الحكومة اللبنانية لتكون مستعدة لتنفيذ ما هو ملقى على عاتقها من مندرجات هذا القرار.

زر الذهاب إلى الأعلى