ماذا حقق الجيش الإسرائيلي بعد أسبوعين من التوغل البري في غزة؟

بعد نحو أسبوعين من إعلان الجيش الإسرائيلي توسيع عملياته العسكرية في غزة لا تزال الصورة غير واضحة عن مدى التقدم الذي أحرزته إسرائيل في تحقيق أهدافها المتمثلة بالقضاء على حركة حماس ردا على هجوم الحركة الذي شنته في السابع من الشهر الماضي على جنوب إسرائيل.

وقتل ما لا يقل عن 1400 شخص في إسرائيل معظمهم مدنيون سقطوا في اليوم الأول من هجوم حماس كما تعرض ما يقارب 240 شخصا من إسرائيليين وأجانب للخطف وتم نقلهم إلى داخل قطاع غزة.

وردا على ذلك شنت إسرائيل حملة قصف مكثفة على قطاع غزة وباشرت قواتها منذ 27 أكتوبر عملية برية واسعة في شماله، قتل فيها حتى الآن أكثر من 34 جنديا إسرائيليا وأصيب 260 آخرون، وفقا للجيش الإسرائيلي.

في تصريحات لشبكة فوكس الإخبارية الأميركية، الخميس، تعليقا على التقدم الميداني للجيش الإسرائيلي قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن تقدُّمَه “جيد بشكل استثنائي ضد الإرهابيين على الأرض وتحت الأرض”. وشدد على “أننا سنستمر حتى القضاء على حماس” و”لن يوقفنا شيء”.

وتابع “لقد حددتُ أهدافا، لكنني لم أحدد جدولا زمنيا لأن الأمر قد يستغرق وقتا أطول”. وأردف “نمضي قدما خطوة بخطوة، بحيث نقلل من خسائرنا بينما نحاول التقليل والتخفيف من الخسائر المدنية وزيادة خسائر إرهابيي حماس إلى أقصى حد، وحتى الآن، أعتقد أن كل شيء يسير على ما يرام”.

ماذا تحقق حتى الآن؟

قال الجيش الإسرائيلي، الخميس، إنه بدأ بتضييق الخناق على “قلب الأنشطة الاستخباراتية والعملياتية” لحركة حماس في منطقة بمدينة غزة بالقرب من مستشفى الشفاء.

وأعلن عن قتل عدد من كبار قادة في حماس، إضافة إلى تدمير مئات الأهداف للحركة المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

من جهتها، أعلنت “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة حماس في وقت سابق تدمير 136 مدرعة وآلية عسكرية إسرائيلية منذ بدء التوغل البري.

واليوم الجمعة أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على موقع (إكس) السيطرة على “موقع بدر” التابع لكتيبة الشاطئ لحماس وقتل 150 مسلحا من الحركة.

وأضاف أن القوات الإسرائيلية سيطرت على موقع “السفينة” المخصص لصناعة الوسائل القتالية، ودمرت مواقع إطلاق القذائف الصاروخية وشبكة تحت أرضية.

وشقت القوات البرية الإسرائيلية طريقها إلى المناطق الحضرية في شمال غزة بسرعة فاجأت حتى قادتها، وفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

في الثاني من الشهر الجاري أعلن الجيش الإسرائيلي “تطويق” مدينة غزة الواقعة في الجزء الشمالي من القطاع، بعد أن توغلت قواته والمركبات المدرعة في وسط قطاع غزة، لتعزل مدينة غزة عن بقية القطاع.

وتقدمت قوات أخرى جنوبا على طول الساحل ومن الشمال الغربي، لتطوق الشبكة الحضرية حيث يعتقد أن معظم مسلحي حماس يتمركزون فيها.

اللون الأحمر يمثل المناطق التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي في غزة

توضح صورة نشرتها الصحيفة نقلا عن شركة “Le Beck International” الرائدة في مجال استشارات الأمن وإدارة المخاطر وتركز على الشرق الأوسط، المناطق التي باتت القوات الإسرائيلية تسيطر عليها في الجزء الشمالي من قطاع غزة.

كذلك تبين الصورة أن القوات الإسرائيلية نجحت مؤخرا في عزل الجزء الشمالي من القطاع بشكل تام عن جزءه الجنوبي حيث نزح مئات آلاف المدنيين الفلسطينيين هربا من المعارك.

وفقا للصورة وصورة أخرى نشرها معهد دراسات الحرب في الثامن من هذا الشهر، فقد باتت القوات الإسرائيلية تحاصر الجزء الشمالي من غزة من الشمال والجنوب، كما سيطرت على أجزاء واسعة من الشريط الساحلي لمدينة غزة.

صورة نشرها معهد دراسات الحرب لمناطق انتشار القوات الاسرائيلية حتى يوم الثامن من نوفمبر

ومع اقتراب القوات الإسرائيلية من وسط مدينة غزة، تواجه هذه القوات مسلحي حماس المتحصنين بأعداد كبيرة ويهاجمون ثم ينسحبون أو يختفون تحت الأرض، مما يبطئ التقدم الإسرائيلي، حسبما يقول جنود ومسؤولون حاليون وسابقون، للصحيفة.

يؤكد محللون أن استراتيجية تتمثل إسرائيل في قتل أكبر عدد ممكن من مسلحي حماس، الذين تقدر أعدادهم بنحو 20 إلى 40 ألف مسلح.

في العديد من المناطق التي توغلت فيها القوات الإسرائيلية، أنشأ المهندسون قواعد عمليات مؤقتة محاطة بحواجز رملية، تضغط منها القوات على عمق المدينة في اتجاهات متعددة.

ويقول ضباط إسرائيليون إنهم لا يخططون للقتال داخل الأنفاق التي تعتمد عليها حركة حماس لأنها يمكن أن تكون مفخخة، وبدلا من ذلك، تقوم بتدميرها.

مستشفى الشفاء

تشير صحيفة “وول ستريت جورنال” إلى أن أحد أكبر التحديات التي قد تواجه القوات الإسرئيلية في حربها ضد حماس تتمثل في التعامل مع مستشفى الشفاء، أكبر مجمع طبي في القطاع.

يتهم الجيش الإسرائيلي حركة حماس باستخدام المستشفى غطاء لإخفاء مداخل الأنفاق ومراكز العمليات.

ومؤخرا أصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي صورا ورسوما بيانية وتسجيلات صوتية يقول إنها تظهر أن حماس تستخدم مستشفى الشفاء لإخفاء مواقع قيادة ونقاط دخول إلى شبكة الأنفاق واسعة النطاق أسفل القطاع.

بالمقابل تنفي حركة حماس والسلطات الصحية ومديرو مستشفى الشفاء إخفاء الحركة بنية تحتية عسكرية داخل مجمع المستشفى أو تحته، وقالوا إنهم سيرحبون بتفتيش دولي للمنشأة.

كذلك سعت إسرائيل إلى إجبار المدنيين الذين لجأوا إلى المستشفى وما حوله على المغادرة، لكن لا يزال هناك الكثير منهم، بما في ذلك المرضى، إما غير قادرين على الحركة أو خائفون من الانضمام إلى الآخرين الذين انتقلوا جنوبا خلال الأسبوع الماضي.

ويحتمي هؤلاء النازحين بخيام مصنوعة من القماش في مرآب سيارات المستشفى وينامون في الممرات أو على الدرج ويقضون ساعات اليوم على سلالم المستشفى وينشرون الغسيل على الأسطح دون أن يتركوا أي مساحة خالية داخل المنشأة الطبية.

بالتالي ربما أن المراحل الأكثر تعقيدا من الحرب لم تبدأ بعد، وفقا لـ”وول ستريت جورنال”.

ونقلت الصحيفة عن نقيب إسرائيلي قاد وحدة دبابات احتياطية إلى شمال غزة في الأيام الأولى للتوغل وقاتل في قلب المدينة: “كلما توغلنا أكثر، أصبحت المعركة أصعب”.

زر الذهاب إلى الأعلى