إلى شهداء الرّابع من آب

إلى الّذين ألبسناهم المساء والظّلام والغبار والتّراب والرّمل والزّجاج والماء، وما ماتوا، لأنّهم ألبسونا حزنهم المراق على الشّطآن.

بالأمس كنّا نبكي على الحسين، وقد ذبحناه قبل أربعة عشر قرنًا من النّدم والكراهية والحقد والقتل والحروب.

قتلناه في الشّمال، وبكيناه الجنوب، وما بكيناكم.
ثمّ وقفنا عند الشّط وِقفة يزيد، وقد نشرنا في هذا الشّرق ما نشرت أميّة من هلاك.

نبكي إمامًا في الصّحراء، ونذرّ الرّماد في عيون المصلين خلفه في المدينة.
كذا نحن مذ كنّا.
نأكل أطفالنا وأهلنا، دون أن نجوع.
نأكل أجسادنا ونكبّر.
نحارب الأعداء بأعناق الواقفين على رغيف صغارهم والدّواء.

لا شيء فينا يغيظ العدو، وقمح العزيز وهبناه للبحر والدّخان والسّماء.
أمّا قميص يوسف فقد أكلته النّار، لتظلّ عيون يعقوب على التّحقيق.

نحن يا أهل أشدّ من لامنا القضاء في حبّكم.
ترى من سيعيد إلينا النّظر على امتداد تلك الشّطآن الّتي اشتعلت؟!
في ذكراكم الرّابعة؛ نحن نعرف القاتل من رائحة الدّم والبارود الملتصق بإصبعه المرفوع، ومن بقايا بارود يهدّد بها ما تبقّى من أحلام.

زر الذهاب إلى الأعلى