السجال يتجدد بين “التيار و”القوات”: من نصدّق؟

يتجدد السجال بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ على خلفية الموقف من الإنتخابات البلدية. بيانات وبيانات مضادة بين الطرفين حول تحميل مسؤولية تأجيل الإستحقاق لبعضهما البعض. وكان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع قد أكد أن الذين يدّعون انهم ذاهبون الى جلسة يوم الثلاثاء التشريعية تجنباً للفراغ في المواقع البلدية والاختيارية ولا سيما كتل أحزاب الممانعة والتيار الوطني الحر، إنما إدعاءهم باطلاً، باعتبار أن الرئيس ميقاتي دعا الى اجتماع للحكومة يوم الثلاثاء وعلى جدول أعماله بند تأمين الاعتماد اللازم لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، وبالتالي موازنة هذا الاستحقاق باتت مؤمنة، ولا سبب يحول إطلاقا دون إتمامه في موعده.

جعجع: يتقصدون التعطيل

أضاف جعجع:” وأما فيما يتعلق بالجهوزية الإدارية واللوجستية، سأذكر مجددا أن وزير الداخلية أكد مرارا وتكرارا، وهو المعني الأول والأساسي بإجراء الانتخابات البلدية، استعداده “إدارياً ولوجستياً ” لإجرائها طالما تقرّ الموازنة اللازمة لإتمامها. ان كتل أحزاب الممانعة و”التيار الوطني الحر”عرقلت كل الفترة الماضية مسار الانتخابات البلدية بحجج واهية ، الى ان اضطروا فبركة جلسة تشريعية في اليوم نفسه، المقرّر فيه صرف الاعتماد اللازم لإنجاز هذه الانتخابات، لهدف واحد موّحد وهو محاولة قطع الطريق أمام تأمين الموازنة المطلوبة لهذا الإستحقاق ومن ثم تطييره. بات معلوماً لدى كل اللبنانيين ان كتل أحزاب الممانعة والتيار الوطني الحر يعطلون الانتخابات البلدية والاختيارية عن سابق تصور وتصميم لسبب واحد: عدم ثقتهم بالنتائج التي ستسفرها العملية الانتخابية.

التيار: من نصدق جعجع أم نوابه؟

سارعت لجنة الاعلام والتواصل في التيار الوطني الحر إلى الرد على جعجع وتساءلت في بيان أصدرته “”أيّهما نصدّق سمير جعجع أم نوابه؟ فما قرأناه في بيان رئيس القوات اللبنانية يناقض مواقف نوابه في الجلسات النيابية، وهم الذين اعلنوا انهم لمسوا عدم جهوزية وزارة الداخلية وأجهزة الدولة ككل لاجراء الانتخابات البلدية وعبّروا عن ذلك داخل الجلسة النيابية وفي الاعلام”.

واعتبر البيان أن “الحكومة مستقيلة ولا يحق لها ان تنعقد كمجلس وزراء بينما المجلس النيابي قائم ونحن اعلنّا أننا مع التشريع الذي تفرضه الظروف الطارئة والقوة القاهرة و لا تجوز أبدًا المقارنة بين حكومة مستقيلة ومجلس نيابي قائم وليتذكر جعجع ان القوات شاركت بعدة جلسات بين عامي ٢٠١٤-٢٠١٦”.

ولفت البيان الإنتباه إلى أن “المشكلة ليست فقط بالتمويل بل بانعدام جهوزية الدولة. فالقضاة والأساتذة مضربون والدوائر الحكومية من وزارة مالية ومحافظات مقفلة بدليل عدم قبول أي طلب ترشيح حتى الآن. وليعلم الجميع ان التيار الذي لا يمارس كغيره المزايدة والاستغلال الشعبوي، جاهز للانتخابات البلدية وهو قد اطلق منذ فترة ماكينته الانتخابية والية الترشيح الداخلية ولكن اين جهوزية الدولة ولم يتبقّ سوى ٥ ايام عمل لقبول طلبات الترشيح في الشمال”.

ورأى أنه “من المحزن أن تصبح الشعبوية عدوى وان تصير هي الوسيلة الأبرز عند الكثيرين لممارسة عملهم السياسي”.

القوات: انعكاس لما يعانيه التيار

لاحقاً، ردت الدائرة الإعلامية في حزب “القوّات اللبنانية” على بيان التيار ببيان استهلته بالقول “طالعنا التيّار الوطني الحر في بيان صادر عن لجنة الإعلام والتواصل يحمل في نقاطه الثلاث ثلاث مغالطات:

  • المغالطة الأولى تكمن في كلامه عن تناقض في المواقف بين رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع ونواب تكتل “الجمهورية القوية”، والمغالطة الكبرى هنا أن القاصي والداني يعرف بأن المشترك داخل الجسم القواتي هو القناعات الوطنية والمبدئية وليس المصالح الانتخابية والسياسية، ولا شك أن البيان أتى انعكاساً لما يعاني منه داخل التيار، وفي مطلق الأحوال الموقف من الانتخابات البلدية والاختيارية شديد الوضوح لدى رئيس “القوات” ونواب “الجمهورية القوية” وفي كل زمان ومكان بالتشديد على ضرورة إتمامها إن لجهة احترام الاستحقاقات في مواعيدها، أو لناحية تجديد الدم في الأطر المحلية التي أصبح التعويل عليها كبيراً وكثيراً لتأمين مستلزمات الناس في ظل الانهيار القائم.

  • المغالطة الثانية تتعلّق بكون الحكومة المستقيلة لا يحق لها الانعقاد، فيما الدستور يجيز انعقادها فقط في القضايا الملحّة والاستثنائية والضرورات القصوى، وفي استحقاق بأهمية الانتخابات البلدية من البديهي اجتماعها لإقرار النفقات المطلوبة، ومن الخطيئة التعامل مع استحقاق بهذه الأهمية بعقلية التمديد ربطاً بحجج ساقطة.

  • المغالطة الثالثة تتصل بكون لجنة الإعلام في التيار تحولّت إلى ناطقة باسم وزير الداخلية من دون أن يطلب منها ذلك طبعاً، وتقول خلافاً لما يقوله وزير الداخلية بأن “المشكلة ليست فقط في التمويل بل في انعدام جهوزية الدولة حيث أن القضاة والأساتذة مضربون(…)”، فيما الوزير بسام مولوي أعلن منذ يومين بالذات من الصرح البطريركي في بكركي أنه “أكد للبطريرك على ضرورة إجراء الانتخابات البلدية، فنحن جاهزون لإجرائها إدارياً ونحن بانتظار تأمين التمويل، وبمجرّد تأمينه تحل المشكلة البشرية واللوجستية، وان المعرقل الأساس لإجراء الانتخابات البلدية هو غياب الإرادة السياسية”.

يضيف البيان “انطلاقاً من قول وزير الداخلية وما طالعتنا به لجنة الإعلام في “التيار الوطني الحر” يبقى السؤال الأساس: من نصدِّق وزير الداخلية أم التيّار؟ وفي الإجابة نصدِّق بالتأكيد وزير الداخلية ليس انطلاقاً من خلفيات سياسية، إنما لكونه العارف بشؤون وزارته المعنية إجراء الانتخابات البلدية، فيما لجنة الإعلام تروِّج لرغبة تيارها بعدم إجراء الانتخابات من خلال التلطي بعدم قدرة الوزارة في محاولة لإخفاء رفضها اتمام الانتخابات لاعتبارات خاصة بالتيار من جهة، وفي سياق صفقة مع كتل الممانعة من جهة أخرى”.

ويتابع بيان القوات:” يبقى أن كل ما يسعى إليه “التيار الوطني الحر” هو إثارة الغبار للتغطية على مشاركته في الجلسة التشريعية للتمديد للمجالس البلدية، وهي جلسة غير دستورية كون مجلس النواب هيئة انتخابية لا تشريعية، ويبقى العيب الأساس في تهريب جلسة التشريع غير الدستورية قبل ساعات من اجتماع الحكومة التي باستطاعتها صرف نفقات الانتخابات البلدية من حقوق السحب الخاصة، أي سحب عشرة ملايين دولار كحدّ أقصى، وتذكيراً بأن الحكومة قد صرفت من الـSDR ما يفوق الـ750 مليون دولار وبإمكانها بسهولة تامة صرف نفقات الانتخابات البلدية والاختيارية، وبالتالي العيب الأساس يبقى في استباق جلسة التشريع لجلسة الحكومة والذي يتراوح بين الفضيحة والخطيئة.”

رد ثانٍ للتيار: الجواب عند عدوان

مجدداً رد التيار الوطني الحرّ عبر لجنة الاعلام والتواصل على رد المكتب الاعلامي لحزب “القوات اللبنانية”، وقال : “امر جيد ان تكون القوات اختصرت موضوع الانتخابات البلدية والاختيارية كله بمن نصدق، وزير الداخلية ام التيار، والجواب على ردها الاخير علينا هو عند النائب جورج عدوان في تصريحه الأخير بإسم تكتل الجمهورية القوية بعد اجتماع اللجان النيابية الأخير، فمن نصدق جعجع او عدوان؟ والحقيقة ان الجواب هو عند كل نائب حضر اللجان المشتركة، وكل محافظ وقائمقام وقاض ومعلم ومأمور نفوس وموظف في السجل العدلي، اضافة الى كل مقدم طلب ترشيح لم يتم تسجيله، وكل مواطن راغب بالترشح، وكل محازب عامل في ماكينة انتخابية،…والجواب هو في النص الدستوري الواضح والحكومة المستقيلة، وفي حضور القوات 7 جلسات تشريعية في فترة الفراغ الرئاسي بين 2014 و2016 واقرار 124 قانونا؛ وهنا كل الصدقية وكل الفرق بين الشعبوية والواقعية، وبين التضليل والحقيقة … وبين القوات والتيار”.

زر الذهاب إلى الأعلى