في ٢١ آذار غصّة.. أمّهات لبنانيات مجرّدات من الأمومة!

أصبحنا في العام 2023، والمرأة في لبنان لا تزال لا تملك حق تسجيل أولادها في المدرسة، ولا يحق لها إصدار أوراق ثبوتية لهم، وكل هذه الأمور تتطلب إقرار قانون شخصي موحد.

في الحادي والعشرين من آذار يحتفل العالم العربي بعيد الأمّ، وهو يوم مخصّص للتعبير عن الحب والتقدير للأمهات، والاحتفاء بهنّ على دورهنّ الهام في الحياة. إلّا أنّه وفي كلّ عام، تواجه بعض الأمهات صعوبة وغصة لدى الاحتفال بهذا اليوم، فمنهنّ من فقدن أطفالهنّ، وبعضهنّ غير قادرات على رؤية أطفالهن بسبب القانون اللبناني المجحف بحق المرأة والذي يمنعها من أن تكون الوصية على فلذات كبدها.

عن هذه القوانين المجحفة، وما تريده النساء، تعلّق المحامية فاطمة الحاج من منظمة كفى في حديث خاص لـ “هنا لبنان” بالقول: “بما أنّ الجميع يعترف بحقوق الإنسان، لا بدّ من الاعتراف بحقوق المرأة ومنع معاملتها كإنسان درجة ثانية، وخصوصاً في ما يتعلق بالأمومة. وفي عيد الأم، لا نريد الشعارات الرنانة، بل من الضروري إعادة النظر بالقوانين المجحفة، والتي تُترجم بعدم امتلاك الأم سلطة الوصاية على أبنائها وحرمانها من حضانتهم. وبما أن هناك قوانين تتعامل مع المرأة على أنها تابِعة، فأصبحنا أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى إقرار قوانين جديدة تساوي بين الجنسين”.

وتشير الحاج، إلى أننا أصبحنا في العام 2023، والمرأة في لبنان لا تزال لا تملك حق تسجيل أولادها في المدرسة، ولا يحق لها إصدار أوراق ثبوتية لهم، وكل هذه الأمور تتطلب إقرار قانون شخصي موحد. وقد تم توقيع هذا المشروع من قبل 10 نواب في البرلمان من مختلف الكتل النيابية في ديسمبر 2022 على أمل إقراره، لأنه يحظى بتأييد مهمّ من النواب من مختلف التيارات، ويجب التركيز على العمل داخل اللجان والضغط لإقراره.

الحاج تحدثت لـ “هنا لبنان” عن معاناة النساء والأمهات في مسألة الحضانة، وخاصة بسبب الأزمة الاقتصادية. فقبل الأزمة، لعب الأهل دور الداعم الوحيد للمرأة إذا اختلفت مع زوجها، حيث كانوا يستضيفونها في المنزل مع أولادها أو يستأجرون لها منزلًا. ولكن عبئاً جديداً أضيف على كاهل الأمهات، والتحدي الكبير الذي يواجه “كفى” هو أنّ الأمهات لا معيل لهنّ، وكل أم تريد الحفاظ على أمومتها تتعرض للخطر في منزلها الزوجي، خاصة إذا كانت تعيش مع معنّف، والعديد من النساء هنّ مشروع قتل مستقبلي.

وتؤكد الحاج أنه منذ بداية العام الحالي، سلطت “كفى” الضوء، على 6 جرائم قتل سببها العنف الأسري، وهناك عدد كبير من النساء لا يملكن مأوى مع أولادهن، فيبقين تحت رحمة المعنّف. وقبل الأزمة، كانت “كفى” تتواصل مع مراكز الإيواء، ولكن بسبب الضائقة المادية وزيادة أعداد النساء المعنّفات، لم يعد هناك مكان داخل المراكز ذات الأعداد المحدودة.

وللأسف الأمهات اليوم في عيدهنّ يتعرضن لتهديد حقيقي حيث يواجهن سيفًا مسلطًا على أعناقهنّ، ورغم تقديم الجمعيات المساعدة لهنّ على مدى أشهر، إلّا أنّ النساء بحاجة إلى مسيرة تمكين لتحسين وضعهن.

وفي هذه المناسبة لا بد من التركيز على الظلم الذي تتعرض له النساء نتيجة عدم اتّخاذهنّ القرارات الخاصة بحياتهن الزوجية. وتتحدث الحاج عن “أمر مفاجئ” يقوم به عدد من الرجال من خلال إيداع المهر لدى كتاب العدل والقيام بطلاق زوجاتهم غيابيًا من دون علمهن، لتأخذ مهراً على 1500 ليرة لبنانية.

لذلك، من الضروري، بحسب الحاج، إقرار قانون أحوال شخصيّة موحّد يضمن مصلحة الطفل الفضلى ويحترم السلطة الوالدية، ويحمي المرأة من الوصاية الجبرية للأب.

شهادة خاصة

تروي السيدة اللبنانية التي نمتنع عن الإفصاح عن اسمها لعدم زجها في مشاكل مع زوجها، معاناتها لـ “هنا لبنان”، وقالت أنّها تعرضت لجميع أنواع العنف الجسدي واللفظي، لذلك تركت المنزل لتتوجه إلى منزل والديها، واستغل زوجها الفرصة ليخطف الأولاد ومنعها من رؤيتهم ولجأت إلى المحكمة لرفع دعوى بطلان زواج والمطالبة بمساعدة لأولادها ونفقة. وبعد أشهر حلّ عيد الأم وهي وحيدة من دون أولادها بانتظار صدور الحكم.

وكذلك حاولت الذهاب إلى المدرسة لرؤية أولادها إلّا أنّ المديرة منعتها عن ذلك والسبب أنّ زوجها تهجّم قبل أسبوع على المدرسة لأنّهم ذكروا اسم الوالدة أمام أبنائها. وختمت بالقول “حرام عليكن اللي عم يصير فينا، هذا ظلم لا يجب أن تقبل أي دولة به”.

لذلك، علينا في هذه المناسبة أن نستغلّ الفرصة لنفكّر بالأمهات اللواتي يعانين من ظلم مزدوج أكان من الدولة أو من الشريك، والعمل على توفير الدعم والمساعدة لهنّ لتمكينهنّ من الاحتفال بهذا اليوم مع أطفالهن وذلك من خلال الضغط على السلطة لإقرار قانون أحوال شخصية مدني يساوي بين المرأة والرجل.

زر الذهاب إلى الأعلى