الزلازل ستنعكس على سياحة صيف 2023 في تركيا ولكن لبنان… الخسارة الكبرى!

بلد من دون أمن ومستشفيات ليس قادراً على اجتذاب السيّاح

صحيح أن موعد بَدْء فصل الصيف لا يزال بعيداً نوعاً ما، وأنه من المُبكِر البتّ بآفاق المواسم السياحيّة المتوقَّعَة في أي بلد، منذ الآن، إلا أنه لا يُمكن أيضاً التغافُل عن آثار ونتائج الزلازل التركية وهزّاتها الارتدادية، على موسم سياحة صيف 2023 في تركيا، وهي واحدة من أهمّ البلدان السياحيّة في شرق المتوسّط، وفي المنطقة الفاصِلَة بين آسيا وأوروبا.

صيف 2023

يرى مراقِبون أن فُرَص منطقة البلقان وبعض دولها، لا سيّما اليونان، وبلغاريا، ورومانيا، وكرواتيا، على المستوى السياحي، قد ترتفع وتزداد خلال صيف 2023، في أذهان بعض الأوروبيّين وغيرهم من الغربيّين الذين كانوا يتدفّقون الى تركيا للسياحة خلال السنوات الماضية.

وهذه الفرص لا ترتبط بالزّلازل التركيّة التي حصلت في شباط 2023 فقط، بل بالهزّات، والهزّات الارتدادية المستمرّة من بعدها، والتي قد ترافقنا خلال الأشهر القادمة، ولمدّة زمنيّة قد لا تكون محدودة تماماً.

العلم

صحيح أن العلم وحده يبتّ بالقضايا الجيولوجيّة، وهو عاجز حتى الساعة عن تأكيد أي شيء كامل وتامّ يتعلّق بإمكانيّة حدوث زلزال أو لا، في هذه المنطقة أو تلك، إلا أن الهزّات والارتجاجات المتكرّرة في تركيا ومنطقة شرق المتوسّط، وما يُحيط بها منذ أسابيع، قد تُبعِد الكثير من السيّاح عنها بعد أشهر. هذا مع العلم أن لا شيء يؤكّد حتميّة أن تتعرّض، أو أن لا تتعرّض اسطنبول نفسها لزلزال، أو لهزّات قويّة، في مدى زمني قريب، أو متوسّط، أو بعيد.

بدائل؟

ورغم أن اليونان وبعض مناطق البلقان ارتجّت بدورها أيضاً، بُعَيْد الزلازل التركيّة، إلا أن فرص اجتذابها أنشطة سياحيّة خلال أشهر صيف 2023 تبقى موضع متابعة بالنّسبة الى عدد من المراقبين.

فحتى لبنان في منطقة المشرق العربي، ومصر في شمال أفريقيا، ورغم تمتّعهما بصيف مُشمس وغنيّ بعدد من الأنشطة البحرية، وبحُريّة سلوكيّة تراكُميّة يُمكن للسائح الغربي أن يجدها فيهما، كما في تركيا، إلا أنهما (لبنان ومصر) قد لا يشكّلان بقعة استقطاب سياحيّة بديلة منها (تركيا) خلال صيف 2023، لأسباب عدّة، أبرزها أنهما في منطقة معرّضَة لخطر الارتجاجات الارتداديّة بسبب أي تحرّك أرضي “خشن” يمكنه أن يحصل سواء في تركيا، أو في منطقة المشرق العربي، أو أفريقيا. هذا فضلاً عن الأزمات المالية والاقتصادية التي يعانيان منها، والسلوكيات الاضطرارية التي تتسبّب بها، والتي قد تشكّل عاملاً مُبعِداً لنوعيّة معيّنة من السيّاح.

قطاع العقارات

أكد مصدر خبير في الشؤون السياحيّة أن “نتائج الزلازل الأخيرة بدأت تنعكس ليس فقط على دراسة احتمالات وآفاق موسم سياحة صيف 2023 في تركيا، بل انها تؤثّر على الاقتصاد التركي عموماً، لا سيّما أن قطاع العقارات بدأ يتكبّد خسائر ملحوظة هناك، وحتى في اسطنبول نفسها، بعد الزلازل. وهذا يدلّ على أن المستقبل القريب يُنذر بمعطيات حرجة”.

ورجّح في حديث لوكالة “أخبار اليوم” أن تكون “ذروة التراجُع السياحي التركي المُحتمَلَة خلال الأشهر القليلة القادمة، وهي قد تنال بالفعل من موسم سياحة صيف 2023، وذلك قبل أن يبدأ التعافي من جديد بعد مرور مدّة زمنيّة معيّنة، تُظهر أن الأرض عادت الى طبيعتها المعهودة هناك”.

لبنان؟

وشدّد المصدر على أنه “صحيح أن الناس تنسى بسهولة، ولكن هول مشاهد الزلازل، وما حصل في تركيا قبل أسابيع، سيتحكّم بذهن المواطن العالمي خلال الأشهر القادمة. والكلّ يعمل ويجدول حساباته على هذا الأساس”.

وعن ارتفاع الحظوظ السياحيّة لمنطقة البلقان، ولغيرها من الدول كلبنان مثلاً، في مثل تلك الحالة، رأى أن “اليونان وغيرها من دول جوارها الأوروبي قادرة على استقطاب الحركة السياحية في صيف 2023، بدلاً من تركيا، ولكن لتلك المدّة الزمنية فقط. فالتعافي التركي لن يطول على الأرجح، وستستعيد تركيا نشاطها السياحي بقوّة في عام 2024″.

وأضاف:”أما بالنّسبة الى لبنان، فوضعه ليس عادياً، وهو غير قادر على أن يشكّل بديلاً سياحياً فعلياً، وذلك مهما زادت المؤسّسات السياحيّة عروضها خلال الصيف القادم. وهذا لا يرتبط بخطر حصول هزّات أو زلازل في ذهن السائح الغربي، بل بسُمعة لبنان في الخارج، والتي ما عادت طيّبة تماماً، إذ بات يُنظَر إليه كبلد اضطراب سياسي، وأمني، ومالي، واقتصادي، وكبلد خالٍ من المؤسّسات”.

المغتربون

وأشار المصدر الى “أننا نتّكل على المغتربين اللبنانيين حصراً. ولكن حتى هؤلاء قد يتعذّر قدومهم الى لبنان إذا تجاوزت الأزمة اللبنانية الحدود المقبولة بعد مدّة. وبالتالي، لا آفاق سياحيّة واقعيّة للبنان، كما يحاول البعض تصوير ذلك على الشاشات”.

وختم:”بلد من دون اقتصاد، وقضاء، وأمن، وحتى من دون مستشفيات، ليس قادراً على اجتذاب السيّاح بالمعنى الفعلي للكلمة. فعلى سبيل المثال، أي لبناني يقبل أن يسافر من أجل السياحة في دولة ترزح تحت نير هذا النّوع من الظروف؟ لا أحد طبعاً. وهذا ينسحب بدوره على نظرة العدد الأكبر من السيّاح تجاه لبنان في ظروفه الحالية”.

زر الذهاب إلى الأعلى