وثنيّون لا وطنيّين

كتب كبريال مراد في موقع mtv:

لا علاقة لعنوان هذا المقال ببداية الصوم المبارك لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي. ولا يبحث عن المعاني الروحية بالتزامن مع إثنين الرماد الذي يتذكّر فيه الإنسان أنه من التراب والى التراب يعود. ولكن، لا بأس إن أتت هذه المصادفة لتعطي ما سيقال أبعاداً إضافية.

في الحقيقة، ينطلق المقال من جملة وردت على لسان الكاتب الراحل مروان نجار في مقابلة إذاعية، أعيد بثّها نهاية الأسبوع، وفيها قال “إن اللبنانيين أقرب الى الوثنيين منهم الى الوطنيين”. وجاء كلامه في معرض استعراض مراحل الحروب والخضات اللبنانية، منذ عقود.
صدق الكاتب الراحل قبل أيام في قوله. فشريحة واسعة من أهل الرعية تتعاطى مع العديد من المسؤولين المتعاقبين على الجمهورية بذهنية “المسامح كريم”، وقد اعتادت هذه الشريحة على تأليه الزعماء حتى العبادة. وبات ارتباطها بشخص القائد والزعيم والرئيس، أكثر منه بالوطن والأرض والإرث والتراث. و”الزعيم” هنا، “مغفورة له خطاياه”، ومسامح على ذلاته وقراءاته الخاطئة وتقلباته ووعوده التي لا تصدق، وزعبراته، ومد اليد على المال العام، وبناء الثروات من المخالفات، والتذاكي باللعب على القانون. طالما أنه يحمي “قبيلته” ويرعاها، ويأكل ويطعمها، ولو من الفتات المتساقط عن مائدته، أو يغذيها بالشعارات والهوبرات وخلق الأعداء الفعليين والوهميين.

هنا بيت القصيد في خضم الأزمات التي نعيشها. فلو أن هناك من يحاسب فعلياً، لما تجرّأ مسؤول على تكرار الهفوات والأخطاء. لكنه ينام ملء عينيه على الخطايا، وهو يعلم أنه أمام “شعب ينسى” أو تابع، يراهن على النهج نفسه، والشخص نفسه، وينتظر نتائج مختلفة.

لقد أتت الانتخابات النيابية الأخيرة لتثبت كل ما سبق. ولتؤكد من جهة أخرى، أن ليس كل مختلف بالقول، هو “غير” بالممارسة والنتائج. من هنا، “فالطلعة من الجورة” تحتاج الى تفكير جديد، وتطبيق مختلف. الى عبادة وطن لا أوثان. فالوطن يبقى، أما الزعامات الوثنية فستنتهي… على أمل أن يحصل ذلك قبل أن ننتهي.

زر الذهاب إلى الأعلى