هنا ملائكة التيار…

من حيث المبدأ العوني، القوات اللبنانية هم الزعران والتيار العوني هم الملائكة! فيها وجهة نظر، فانطلاقة “القوات اللبنانية” أو المقاومة اللبنانية عموماً، كانت في الدفاع عن كيان لبنان الحر وعن المناطق المسيحية آنذاك. كانت انطلاقة من خلف المتراس والبارودة على حدود الخطر المباشر حفاظاً على الوجود المسيحي الحر وعلى كيان لبنان الدولة النهائية لكل اللبنانيين.

استشهد “الزعران” بغزارة، ومنهم من صار معوقاً، ومنهم من لا يزال في عز الحياة على سن ورمح الكرامة، أما “ملائكة” التيار فكيف كانت انطلاقتهم؟

حتى اللحظة، حتى اللحظة يقول القواتيون إننا خسرنا حرب الإلغاء، وخسرنا آنذاك جزءا كبيراً من شعبيتنا بسبب إعلام عون القائم مذذاك التاريخ، على تحوير الحقائق عن مسارها الفعلي. كانت حرباً إعلامية أشرس من الحرب العسكرية، استعملها عون ليسجل نقاطه على القوات اللبنانية ولغسل دماغ اللبنانين الذين كانوا متعطشين لمنطق الدولة القوية، ومذذاك الزمن وهو ينحت في الصخر لتشويه صورة المقاومين الشجعان. نجح لفترة لكن الزمن قلّاب، وما حفره بالصخر الاعلام العوني، تفتت تحت ضربات الحقيقة على مدار السنين ومع تطور الاعلام وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وعادت صورة القوات اللبنانية لتتظهّر بابهى حللها بسبب أداء القوات ونظافة كفها المشهود له من الخصوم قبل الحلفاء.

انطلقت المقاومة اللبنانية من دفاعها المستميت عن سيادة لبنان، وانطلق التيار العوني من الدفاع المستميت عن “الشخص”، الى درجة انه لم يتردد مثلاً في الهجوم على البطريرك صفير لانه تجرأ على انتقاد عون آنذاك. وفي تاريخ أقرب، وبدل أن يساند شباب التيار أهالي عين الرمانة، على اثر غزوة الحزب عليها، شنوا عبر إعلامهم، حرباً مضادة على الأهالي واتهموا القوات اللبنانية بالهجوم، على الرغم من آلاف الفيديوهات والصور الموثقة التي تثبت تورط الحزب.

تيار الملائكة إياه، وعبر إعلامه، شن هجوماً عنيفاً على ميشال مكتف وشركته المالية بدل أن يكون الهدف ما يسمى بمؤسسة القرض الحسن التابعة للحزب، وحيّدها بالكامل. ملائكة التيار شنوا حربهم الاعلامية العبثية على مصارف لبنان ورياض سلامة الذي كان رئيس الجمهورية السابق ميشال عون جدد له شخصياً… وهكذا دواليك.

هي لعبة الإعلام اذاً التي تنقذ التيار من أزماته الدائمة، من دون الاعتراف بأي دليل حسّي موثّق، المهم أن نكذب ونكذب ونكذب ليصدقوا هم أنفسهم ما اطلقوه من كذبات.

منذ تولي عون سدة الرئاسة وإعلامه يصوب على كل الأقلام الحرة التي تنتقده، وتبين بحسب مؤسسة سمير قصير للحريات الإعلامية أن عهده شهد على أعلى نسبة استهداف لحرية الصحافة واستدعاءات بالجملة لإعلاميين وناشطين الى التحقيق، وتعرضهم للتهديد المباشر وغير المباشر اذا ما تناولوا العهد “المقدس” بالنقد.

تجلّت البلطجة الإعلامية وكانت بأبهى أبهى حللها، من خلال ما حصل في استوديو “صار الوقت” حيث تبين وبحسب الفيديوهات والصور الموثقة ايضاً، أن تيار الملائكة كان يحضّر لما يشبه الانقلاب في الحلقة، مع ضيف مارسيل غانم النائب العوني شربل مارون، الذي اشعل فتيلاً واندلعت الاشتباكات في الاستوديو، ومن بعدها هجم ما يسمى بالحرس القديم التابع للنائب جبران باسيل بالأسلحة الرشاشة على حرس الـMTV، وحصل ما حصل.

سؤال جوهري، لماذا دائماً التيار، وهو الذي تسلّم الدولة على مدى سنوات ست، وبيده كامل السلطة، لم يتخلَّ عن هذا النهج الفاقع في البلطجة الإعلامية التي بدأت تتحول الى بلطجة شوارع، كما حصل منذ أسابيع حين أطلق عناصره النار على نعش شاب وحاولوا منع مروره من أمام مركزهم في ميرنا الشالوحي، عندما رأوا علم القوات اللبنانية فوق النعش؟ لماذا هم في حال غضب دائم؟

الجواب واضح، ما كان يحصل من بلطجة إعلامية في السابق ما عاد يمكن حصوله اليوم، لأن الإعلام صار مكشوفاً لحظة بلحظة، والحقائق المرّة عن العهد مفلوشة للعالم كله، ولأن من لا يملك بالأساس قضية نبيلة للدفاع عنها، ومن يجعل قضيته “الشخص” ولا أحد سواه، لن يتمكن يوماً من التوصل الى السلام الداخلي، وبالتالي هو عبد لغضبه وحقده الدفين، على من تجاوزه بالكرامة وبالقضية وبالاخلاق الانسانية والوطنية والاعلامية على السواء، لكن… لكن أما حان الوقت لوضع حد لتلك البلطجة، أم سنبقى دائماً نحن وكل الناس زعران لأننا مش مع الجنرال، والتيار وحده الملاك جبرائيل السلام ع اسمو؟!

زر الذهاب إلى الأعلى