يا بشير

يا بشير

لا زلت فينا جرحًا، يعدنا بالألم والخلاص.

وعلى الطّريق إليك سححنا دمعًا، لا يفجره إلا الشّهداء الشّهداء.

بات فينا ألف بشير، وما أتيت.

فأقمنا للوجع أكثر من مناسبة، ولمّا تأت بعد.

أتدري بأن القبور وإن درست، لا تستطيع كتم روائح الياسمين؟!

فقد دسسناك في صدرونا ياسمينًا، لئلا ينال منه حراس المعابر والحدود متى دخلنا المقابر .

انتظرناك، حتى صرنا نراك في كل ما حرمونا منه في هذا الوطن.

رأيناك في سيارات التاكسي، وحافلات الركاب، وعلى زجاج واجهات المحلات، وفوق جدران مدننا التي أبت الرضوخ، وفي أحاديث الصبايا قبل كل أحبك قلنها.

يا بشير

كتبناك أربعينًا وأضعافها، وما تلونا النص رتيبًا.
مشيناك دربًا طويلة، جعنا فيها، وعطشنا، وتعبنا وبكينا ومسحنا دمنا النّازف بحجارة الطريق، وما توسلتنا نفوسنا الرجوع.

أتدري لم؟!

لأنّك من الذين كالنهر إذا فاضت مياهه شق لها مجرى جديد، يروي مساره كل أشجار الخلود.
يا بشير..

تغير كل شيء فينا ومن حولنا، وما تغيرت بحضورك الذي كلما ابتعد في الوراء، تكشف لنا بأنك هناك هناك إلى الأمام البعيد، فنواصلك المسير.

هي سنة الحياة فينا، مهما أجدبت سهولنا، وجف فيها عرق ماء، تظل تحت يباسها العطشان بذرة الوطن، ويظل منا مزارع وفلاح، يقيم عند حدودها، يسهر، يصلي، ويرتل قرآننا الوطن.

أحبك

زر الذهاب إلى الأعلى