واندلعت الحرب… بايدن أطلق الرّصاصة الأولى و”تزييت” المدافع بدأ؟!

هل اندلعت الحرب فعلياً بين الولايات المتحدة الأميركية والصين؟ وهل أطلق الرئيس الأميركي جو بايدن، من آسيا، ومن اليابان تحديداً، شرارة الحرب بين واشنطن وبكين؟

فبمعزل عن التساجُل على مستوى “لا تلعبوا بالنّار”، بين الطرفَيْن، على خلفية الملف التايواني، وتأكيد بايدن استعداد بلاده للدّفاع عن تايوان إذا تعرّضت لأي هجوم صيني، حملت جولة الرئيس الأميركي الآسيوية الأخيرة وجهاً تعزيزياً واضحاً للعالم الديموقراطي والليبرالي في منطقة النّفوذ الصيني، فيه الكثير من رفع سقوف التحدّي، وتوجيه الرسائل للصينيين من مستوى “إياكم أن…”، و”يجب أن تتّعظوا ممّا حصل للروس في أوكرانيا، وإلا…”.

يؤكّد خبراء أن مجرّد إطلاق واشنطن مبادرة تجارية مع 12 دولة من المحيطَيْن الهندي والهادىء، في أول توسيع جدّي للشراكات الأميركية في آسيا، وبما هو أشمَل من الحلفاء التقليديين لواشنطن هناك، يعني أن الحرب الاقتصادية الأميركية الفعلية على الصين بدأت، ومن أبرز وأهمّ أسلحتها، توسيع مروحة الدول القادرة على مقاومة الضغط الصيني، سياسياً، واقصادياً، وعسكرياً.

فالإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطَيْن الهندي والهادىء، سيضمّ اليابان، وأستراليا، ونيوزيلندا، وكوريا الجنوبية، والهند، وسنغافورة، وماليزيا، وإندونيسيا، وفيتنام، والفيليبين، وتايلاند، وبروناي. وهو إطار يضم دولاً تمثّل نحو 40 في المئة من الاقتصاد العالمي، وسيشكّل عنصراً مهمّاً على صعيد النموّ العالمي، خلال العقود القادمة، وعلى مستوى استعادة القيادة الاقتصادية الأميركية في آسيا، وبالنهج الأميركي البديل من ذاك الصيني، والمختلف عنه بتفاصيل جوهرية.

وتحت عناوين التجارة، وسلاسل التوريد، والطاقة النظيفة، والبنية التحتية، ومكافحة الفساد… تستعدّ واشنطن لأكبر مُنازَلَة آسيوية مع بكين في المستقبل، ستزيد من تحدّيات الصين في عُمقها الاستراتيجي، وليس في الملف التايواني وحده.

ورغم أن الإطار الاقتصادي هذا لا يشمل تايوان، إلا أن بعض المطّلعين يؤكّدون أن واشنطن تحضّر لإطار موازٍ معها (تايوان)، وذلك من ضمن الاستراتيجيا الأميركية الكبرى نفسها، في منطقة آسيا.

أوضح الخبير، والأستاذ في الاقتصاد، البروفسور جاسم عجاقة أن “الولايات المتحدة الأميركية تحاول إيجاد وسائل فعّالة في صراعها الاقتصادي مع الصين. فصحيح أن بايدن أكد الالتزام بالدّفاع عن تايوان، إلا أن واشنطن تحتاج الى إطار استنزافي لبكين، من أجل تحقيق أهدافها”.

ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “الأميركيين يريدون تطويق الصين، بهدف ضمان إفشال أي تدخُّل أو هجوم عسكري صيني على تايوان. ولذلك، تحتاج الولايات المتحدة الى أكبر تكتُّل اقتصادي، والى توسيع تكتّلاتها الاقتصادية، بما يمكّنها من فرض عقوباتها على الصين بنجاح، مستقبلاً”.

وشرح عجاقة:”الهاجس الأميركي الأساسي هو أنه إذا هاجمت الصين تايوان، ونجحت في احتلالها، فإن لا شيء سيمنعها من أن تهاجم غيرها، في وقت لاحق. وهو ما سيهدّد المصالح الأميركية والغربية كثيراً، في المستقبل”.

وأضاف:”التكتّلات الاقتصادية تؤسّس لكثير من التعاوُن مع واشنطن، وتمكّنها من دعم مساراتها الاقتصادية والعسكرية، في صراعها مع بكين. ومن هذا المُنطَلَق، وعلى مستوى المسار العسكري، ستتمكّن الولايات المتحدة من تزويد تايوان بالسلاح المتطوّر القادر على تحييد خطر القوة العسكرية الصينية عنها. أما على صعيد المسار الاقتصادي، فستتمكّن واشنطن من تطويق بكين اقتصادياً، عبر تكتّل اقتصادي عالمي كبير. ولذلك، يوسّع الأميركيون شراكاتهم الاقتصادية”.

وختم:”قد نرى “سيناريوهات” صينية في تايوان، شبيهة بتلك الروسية في أوكرانيا، في أي وقت. وانطلاقاً من هذا الواقع، تتعزّز فاعلية العقوبات الأميركية التي ستُفرَض على الصين في مثل تلك الحالة، من خلال تكتُّل عالمي كبير. فالنشاط الصيني على مستوى التصدير يُشبه “الأخطبوط”، لأنه ينتشر في العالم كلّه. وإذا لم يتوفّر الإجماع اللازم الذي يضمن الالتزام بضرورة عَدَم الاستيراد من الصين، إذا هاجمت تايوان، فإن كسرها بالعقوبات لن يكون مُمكناً، حتى لو فُرِضَت عليها بعد الغزو. والتأسيس للتكتّل الاقتصادي الكبير، كان سبباً رئيسياً في جولة بايدن الآسيوية”.

زر الذهاب إلى الأعلى