يحاول وزير الطاقة وليد فياض تقديم نفسه أمام الرأي العام بأنه لا يشبه “بروفيل” رجل السياسة التقليدي في لبنان، وهو يمارس عفويته ويخرج من دون مرافقين، فيوحي بأنه يتعمد التقرب من الشعب وهو واحد منه.
تتناسى هذه السردية أن الوزير “التكنوقراط” لا يمثّل نفسه فقط، بل تياراً سياسياً وعهداً ووزارة تفشل حتى الآن في انتشال الناس من الظلمة وقبضة مافيات “الموتورات”. ويحدث أن يحلو لوزير ممارسة حقه “الشرعي” بالترفيه عن نفسه كانسان في يوم تشهد البلاد فاجعة طرابلسية وإعلان حداد وتنكيس أعلام. هذه الحقيقة لا تبرّر الاعتداء على فياض وضربه الموّثق الذي جلب بكل الأحوال تعاطفاً معه من فئة معارضة له. وهي حادثة تكرّرت للمرة الثانية، من دون أن يدّعي الوزير على الفاعل، علماً أن للتيار الوطني باعاً طويلاً بالادعاء على الناشطين.
شهدت مواقع التواصل نقاشاً محتدماً حول الواقعة، واللافت كان إدانة كثيرين من معارضي “التيار” لهذا التصرف ووصفه بالـ”لاأخلاقي”.
لاقت حادثة فيّاض تفاعلاً لافتاً على “السوشيل ميديا” ليل أمس بعد يوم طويل من الأحداث اللامتناهيّة.
وفي التفاصيل، لحق مواطنون بفياض إلى خارج المطعم في بيروت، حاصروه وشتموه، ثمّ قام أحدهم بصفعه ودفع آخر به، فيما حرص شخص ثالث على توثيق اللحظة ونشرها عبر “فايسبوك”.
إلى ذلك، رأى الإعلامي بسام أبو زيد عبر “تويتر” أن “الاعتداء على وزير الطاقة مدان وغير مبرّر”، لافتاً إلى أنّه “ليس وليد فياض المسؤول عن انهيار هذا القطاع وإفلاسه
هو يحاول بما توفر لديه من إمكانات إعادة الروح لهذا القطاع، ولكن لا أموال ولا تعاون لجهة زيادة التعرفة وإزالة التعديات”، مؤكّداً أن “محاسبة من استباحوا الكهرباء والبلاد والعباد تكون في صندوق الاقتراع”.
لو ما إنت متأكد إنو الوزير بيظهر بلا مرافقة ولو ما متأكد إنو الوزير ما معو موكب رح يسحلك
ما كنت بتسترجي ترفع صوتك مش إيدك#وزير_الطاقة pic.twitter.com/fckAOFHCHx— Zainab🇱🇧 (@Zaynab1298) April 24, 2022
حصد فيديو “صفعة الوزير”، حسبما سمّاه البعض، نسب مشاهدة عالية حيث تناقله المستخدمون على نطاق واسع، فيما اعتبر البعض أن “هؤلاء الشبان لم ولن يجرؤوا على التظاهر أمام منزل أيّ من المسؤولين مثلما فعلوا مع فيّاض الذي لا يتجوّل مع دوريّة كاملة من المرافقين”، وأشاروا إلى أنّ “من يسمّون أنفسهم بالثوار يضيّعون البوصلة مرّة جديدة بغضبهم”.
وكتب البعض الآخر “اذهبوا وتظاهروا في مكانٍ آخر”، “عبّروا عن رأيكم في الانتخابات بدل تكرار معزوفة ما في شي رح يتغيّر”.
بغض النظر عن رأيي بأداء #وزير_الطاقه بس الاعتداء بالضرب مش مقبول والاكيد انو ما بيجيب الكهرباء ولا بيضوّي لبنان!
— Charbel ABBOUD (@abboudcharbel) April 25, 2022
وأضاف آخرون: “لسنا هنا ندافع عن وزير الطاقة. بل نحن نعترض على الهمجيّة. وجّهوا صفعتكم في 15 أيّار. إنّه التوقيت المناسب”.
ولفت أحد المتابعين إلى أن فيّاض “بكل حركاتوا وعفويتو بيضل أشرف من القرطة يلي وصلتنا لهون، ما سرق ولا شارك بتهريب أموال ولا احتكر الأسمنت ولا المازوت، ما حوّل 500 مليون دولار للخارج، كل يلي عملوا كمّل شغل بطريقه غلط لأنوا وثق بالأميركي…”.
#وزير_الطاقة بكل حركاتوا وعفويتو بضل اشرف من جنبلاط والقرطه يلي وصلتنا لهون، ما سرق ولا شارك بتهريب أموال ولا احتكر الأسمنت ولا المازوت ،ما حوّل ٥٠٠ مليون دولار للخارج ،كل يلي عملوا كمّل شغل بطريقه غلط لانوا وثق بالاميركي، اما بنظافه الكف صرمايتو بتسوا رأس جنبلاط وشكرا. pic.twitter.com/fiLJ87os8j
— Ahmad Zabad || ألعاملي (@Capitanozabad1) April 23, 2022
من جهته، اعتبر الإعلاميّ ريكاردو كرم عبر “تويتر” أنّه “بينما اللصوص يتمتعون بغطاء وحصانة، من المخجل النيل من كرامات الناس كما حصل مع وزير الطاقة. عندما تسود شريعة الغاب، كل أزعر يتحوّل إلى شرطي يستقوي على الأوادم. صرخة 17 تشرين التي تحوّلت إلى حراك شاركنا جميعنا به، أردناه انطلاقة لتغيير جذري لن يحصل طالما هنالك من لوّثه وسرق قدسيته”.
بينما اللصوص يتمتعون بغطاء وحصانة، من المخجل النيل من كرامات الناس كما حصل مع #وزير_الطاقة .عندما تسود شريعة الغاب، كل أزعر يتحوّل إلى شرطي يستقوي على الأوادم. صرخة ١٧ تشرين التي تحوّلت إلى حراك شاركنا جميعنا به،أردناه انطلاقة لتغيير جذري لن يحصل طالما هنالك من لوّثه وسرق قدسيته.
— Ricardo Karam ريكاردو كرم (@RicardoRKaram) April 24, 2022
وكتبت متابعة عبر “تويتر”: “لو ما إنت متأكد إنو الوزير بيظهر بلا مرافقة ولو ما متأكد إنو الوزير ما معو موكب ما كنت بتسترجي ترفع صوتك مش إيدك”.
لو ما إنت متأكد إنو الوزير بيظهر بلا مرافقة ولو ما متأكد إنو الوزير ما معو موكب رح يسحلك
ما كنت بتسترجي ترفع صوتك مش إيدك#وزير_الطاقة pic.twitter.com/fckAOFHCHx— Zainab🇱🇧 (@Zaynab1298) April 24, 2022
في المقابل، رفض عدد من الناشطين استنكار الواقعة معتبرين أن “الشعب الناقم المظلوم الذي يموت ويسرق على يد الطبقة الحاكمة، لا يجب أن يُسأل عن صفعة”، وأخذ آخرون على فياض توقيت خروجه الى مطعم تزامناً مع كارثة طرابلس. وحاجج البعض بمشهد رمي وزير في الخارج داخل صندوق قمامة معاقبة له على أدائه.
يُشار إلى أن وزير الطاقة تعرّض في وقت سابق إلى انتقاد شديد جرّاء سفره إلى الخارج وظهوره المتكرّر في سهرات ومطاعم في بيروت، الأمر الذي اعتبره ناشطون “معيباً” بينما الشعب يُعاني، ليُجيبهم فيّاض، قائلاً: “أعمل بجدّ طوال الأسبوع وأنا أستحق أن أفعل ما أشاء في يوم عطلتي”. الحدّ الفاصل بين العمل في الشأن العام والجلوس في سدّة المسؤولية من جهة، والحق بالحرية الشخصية التامة من جهة أخرى رفيع جداً.