مقالة رئيس دائرة الإعلام الداخلي وعضو مجلس مركزي في القوات اللبنانية مارون مارون المنشورة على موقع ال mtv
كُتِبَ الكثير وقِيل أكثر حول الخطوة التي أقدم عليها “عرّاب” اتفاق معراب وصاحب مبادرة “أوعا خيّك” عضو تكتّل “الجمهورية القوية” النائب ملحم الرياشي سواء لناحية التوقيت، أي قبل أسبوع من بدء المهلة الدستورية للإنتخابات الرئاسية، أم لناحية رمزية المكان الذي شَهِدَ على انطلاق عامية أنطلياس التي دخلت تاريخ لبنان المجيد، أم لناحية المضمون الذي حمل إسم سمير جعجع مُرشّحاً لرئاسة الجمهورية.
هذه المبادرة لم تكن وليدة الساعة أو خطوة مجهولة في بحر السياسة اللبنانية المأزوم، إنما جرأة مبنية على قناعة تراكمت لدى صاحبها، وخلفية فكرية رؤيوية نتيجة خبرة اكتسبها عبر سنين من ممارسة العمل السياسي، والتعاطي في الشأن العام، وتطلعات الرياشي المرتكزة الى حل بحجم الأزمة من خارج الإطار المتداول الذي لا يشبه إلا المزيد من الغرق والإنهيار.
كل ذلك نتج عن معرفة هذا المفكّر، الذي لم يحصر رأيه بما هو متاح، بل بما يجب أن يفعل لإنقاذ وطنه مما يتخبط فيه، وهو الذي كتب بحروف من نور وكلمات صاغها بحبر المصالحة، اتفاقاً تاريخياً، فقد نجح بجمع ما لم يكن أحد يتوقّعه، إلا أن أحد الطرفين، اعتبره اتفاقاً مصلحياً وأخذ منه ما أراد، ونكث بوعده، وأنكر توقيعه قبل انبلاج فجر العهد والرئاسة، ونتج عن هذا التنصل الخراب الحاصل اليوم والإنهيار على كافة المستويات.
ملحم الرياشي، لم يطرح الإسم من الفراغ، إنما استناداً الى معرفته بسمير جعجع وقربه منه، منذ أن كان رئيساً لجهاز إعلام القوات اللبنانية، وموفداً شخصياً يُكلّف بمختلف المهمات، ومستشاراً سياسياً، فقد لمس خلال هذه الفترة غير القصيرة، كفاءات سمير جعجع الهائلة، فرأى فيه رجل المرحلة والمنقذ، ولا داعي لتعداد بما يتمتّع به “الحكيم” من مواصفات تشكّل قيمة مضافة للرئاسة في لبنان، سواء على المستوى السيادي أم على المستوى الإصلاحي.
وفي السياق اعتبر أحد المراقبين أن الرياشي ليس فقط إبن القضية اللبنانية، بل حارسها الأمين، وابن عائلة لبنانية أصيلة تحفظ الود وتُبادل الوفاء، فقد حمل ترشيح “الحكيم” فوق كتفيه، مُفتتحاً ماراتون الرئاسة اللبنانية، ولم ينكفئ، بل أخذ المبادرة وتجرّأ حيث لم يجرؤ الآخرون، وبذلك يكون الرياشي قد نفض عنه صفة رافقته حتى يوم انطلياس الشهير على أنه من “حمائم القوّات” ليتبين أنه من “الصقور”، كي لا نقول من “طلائع الصدم”.
باختصار، ما أعلنه الرياشي من وسط المتن الشمالي، ومن عامية انطلياس تحديداً، هو صرخة صادقة، وقد فعلت فعلها، بدليل أنه وصل صداها الى كافة المراجع المعنية، كما الى كل بيت، ومفادها أن سمير جعجع هو رجل المرحلة، وهو القادر على البدء بعملية الإنقاذ التي تتطلب مد اليد، إنما من الند للند.
نعم، في ذاك اليوم، لقد مَثّل ملحم الرياشي صوت الحق والضمير، صوت الشهداء الهادر من السماء، ولسان حال الأحرار والأبرار والمناضلين، وقد صدح صوته في كل أرجاء المعمورة ليقول: “نحنا هنا، العهد لنا، وسمير جعجع مرشحنا”… والسلام.