
انتخابات 15 أيار تحت الفصل السابع؟
يرتاب اللبنانيّون من قانون الانتخابات الأعوج والأعرج. ويحتارون في أمره: هل يُجدّد للمجلس النيابي الحالي الذي يصبح فعلاً ماضياً ناقصاً بعد 22 يوماً؟ هل يُؤتي بلوائح البوسطات المستترة إلى ساحة النجمة؟ وما هو مصير المرشّحين “المستقلّين” في ظلّ تطاحن الأحزاب والتكتّلات السياسيّة بوجه بعضها البعض؟ والأهمّ من ذلك ما هو مطروح من قبل الفريقَين الأشدّ خصومة حول مصيريّة هذه الانتخابات ومفعولها التأثيري والانقلابي على مستقبل لبنان كلّ بحسب الاتّجاه الذي ينشده المعسكران الأقوى؟ وفي حال فوز فريق ضدّ الآخر، هل في امكانه إلغاء الخاسر من الخريطة السياسيّة اللبنانيّة؟
لا يدّعي أحد من العارفين والمطّلعين أنّ لديه القدرة على معرفة النتائج منذ الآن، ولا قبل يوم من 15 أيّار. فالأمور مرهونة بأوقاتها، مع بقاء احتمال الغاء الانتخابات قائماً ولو بنسبة متدنّية جدّاً. كما أنّ النتائج مرتبطة بنسبة الاقتراع، ارتفاعاً أو هبوطاً، مع التوقّعات الأكثر ايجابية بمحافظتها على ما كانت عليه في الدورة السابقة.
يردّ المقاطعون أو المعتكفون باللامبالاة على الانتقادات الموجّهة إليهم، وعلى وصف عدم مشاركتهم بأنّه موقف تعبيري مكفول في الدستور، يضمن لهم حرّيتهم بعدم الاصطفاف وراء أحد من المرشّحين الذين لا يرون فيهم الكفاءة ولا القدرة على تمثيلهم أو نقل صوتهم تحت قبّة البرلمان، متمسّكين بالمقولة الشعبية: “من جرّب المجرّب كان عقله مخرّباً” والتي تنطبق على كلّ الاتّجاهات والاصطفافات والرهانات.
فلبنان أصبح في قعر من الصعب كي لا يُقال من المستحيل الرهان على نهوضه معافىً وسليماً، إلا بالاستعانة بقوّة ردع دوليّة. وهذا ما يحصل اليوم مع صندوق النقد الدولي برضى وصمت داخليين جامعَين. الصندوق الأشبه بالوصاية الدولية يتمتّع بقوّة الفصل السابع من الأمم المتّحدة ولكن مقنّع تحت مسمّى اقتصادي. من هنا المراهنة على قدرة “الشباب” ورفعهم الشعارات الوطنية والسياديّة أو التحريريّة، غدت غبّ الطلب وبفعل السقوط.
إزاء الحديث عن الانفتاح الخليجي المتدرّج على سوريا في مقلب السياديّين، وتقدّم المفاوضات الايرانية – الأميركية على مدرج محور طهران – صنعاء – بغداد – الشام – بيروت- غزة، ما هو مصير حلف ميرنا الشالوحي – الضاحية، أو حلف معراب – المختارة؟ ألن يكون الحلفان مشلولَين أمام التغيّرات الكبرى؟
وأمام توقّع تغيّر صورة لبنان في السنتين المقبلتين من بلد لا يتمتّع بموارد طبيعيّة، إلى أحد أهم البلاد الغنيّة بالغاز والنفط في العالم، وسط توزّع المغانم وتقاسمها بين الشركات العملاقة الأميركية والروسية والفرنسية، من دون اغفال دور الألمان في اعادة بناء مرفأ بيروت، ولحظ دور للصين في خط الحرير الذي تسعى الى اعادة الرونق إليه عبر طرابلس.
هل يؤثّر نوّاب الأمّة في هذه الموزاييك المركّبة والمسطّرة، أم أنّهم سيبصمون على هذه المشاريع بالعشرة ورفع الأيدي وحتى من دون عدّ النواب الـ “مع” والنواب الـ “ضد”؟
بالعودة الى متعهّدي بيوتهم يوم الأحد 15 أيار، فهم يلفتون النظر إلى أنّهم الحزب الأكبر في لبنان، كونهم يشكّلون بين 45% و50% على أقلّ تقدير من نسبة المقترعين. فإذا انقسم المجلس النيابي بالتساوي بين أقوى الفريقَين المتخاصمين، فلن يحظى كلّ فريق إلا على 25% أو 27% من الأصوات بأفضل حال. ولذلك ينصح الحزب الأكبر الأحزاب الأصغر بعدم التلهّي بالتهجّم عليه، وبالسعي إلى استرضاء وارضاء الأقوى في القوّة التجييريّة، وعدم استثارته كي لا يتوسّع أكثر ويكبّر حجم المقاطعة.
وينتقدون التحالفات الهميونيّة والهجينة والمصلحيّة التي لا تركب على قوس قزح، والتي ساهمت وعزّزت فكرة المقاطعة.
ويسألون هل عاد التيار الوطني الحر يشبه حركة أمل والحزب والقومي السوري؟ أم أن القوات اللبنانية أكثر شبهاً بأشرف ريفي والحزب التقدّمي الاشتراكي؟ وتتنافس مع الكتائب الذي وجد مجد حرب حليفاً متقدّماً على سامر سعادة؟ وماذا يُقال عن ميشال معوض وحزب البعث والطاشناق وانبعاث آل المر من الرماد كطائر الفينيق؟